الثورات الكوردية عبر التاريخ1574 ثورة عفدال خان البدليسي ضد السلطان العثماني مراد الأول
1607 انتفاضة ميرعلي الملقب جان بولاط في حلب
1765 ثورة عشائر جيهان بك في ملاطيا
1789 ثورة عشائر رشكوتا وخرزان بقيادة فرحو آغا وقاسم خرزي بين آمد وسيرت
1794 ثورة عشائر زركا وتيركان في الشمال من آمد
1806 ثورة عبدالرحمن بابان في السليمانية
1811 ثورة أحمد باشا بابان في السليمانية
1819 ثورة سيواس ضد الدولة العثمانية
1834 - 1837 ثورة مير محمد باسا الرواندوزي الملقب بالأمير الكبير
1843 ثورة شنكال للكورد الأيزيديين
1842 - 1848 ثورة بدرخان أمير بوتان
1853ـ1864 انتفاضة يزدان شير في هكاري "ابن أخت بدرخان"
1877ـ1878 انتفاضةبدينان وبوتان وهكاري
1879 ثورة عثمان بك وحسين بك "أحفاد بدرخان"
1880 ـ 1881 انتفاضة شيخ عبيدالله النهري في مدينة شمدينان
1889ثورة البدرخانيون الأحفاد "مدحت وأمين عالي بك"والد الأمير جلادت وكاميران بدرخان ضدالعثمانيين
1906 انتفاضةبشارى جتو في بدليس
1906 ثورةالميليين بزعامة إبراهيم باشا رئيس عشيرة الميليين الكوردية القاطنة في سورياوتركيا
1913انتفاضة بدليس بقيادة الشيخ سليم وشهاب الدين النقشبندي في ولاية سيرت
1914 انتفاضة في بهدينان بقيادة الشيخ عبدالسلام بارزاني
1918ـ 1919 انتفاضةالشيخ محمود البرزنجي الأولى
1919 انتفاضة الكورد ضد الترك ساهم في التحضير لهذه الإنتفاضة بعض أعضاء جمعية إنبعاث كوردستان، من أمثال ممثلوا عائلة بدرخان، كاميران علي بك و جلادت بك بالإضافة الى جميل پاشازادة و أكرم بك (من مدينة آمد "ديار بكر") و علي غالب بك، والي خربوت (آلعزيز) و ممثلو العديد من العشائر الكوردية و كذلك الرائد الإنگليزي نوئل
1920 - 1921 ثورة بقيادة العقيد الكوردي خالد بك جبرانلي، الضابط في فرسان الحميدية
1923 ثورة بياندور ضد الفرنسيين في سوريا بقيادة الأمير سليمان عباس
1925 انتفاضة سمكو أغا في كوردستان كردٍ على مقررات لوزان
1925 انتفاضة الشيخ سعيد بيران في ديار بكر "آمد"
1927ـ1930 للميلاد انتفاضة آغريداغ "آرارات" التي قادها الجنرال إحسان نوري باشا
1932ـ 1934 انتفاضة البارزانيين بقيادة أحمد البارزاني ضد إنكليز
1937ـ 1938 انتفاضة فيديرسم بقيادة سيد رضا
1943ـ 1945 ثورة برزان في كردستان العراق بقيادة مصطفى البارزاني
1946 إعلان جمهورية كوردستان في مهاباد
11 أيلول1961ـ 1975 العودة إلى النضال المسلح بقيادة مصطفى البارزاني
ثورة الآغا عباس عباس ضد الجنرال روكان والوجود الفرنسي في الاراضي الكردية السورية واستشهاده فيها
1979 الكفاح المسلح بقيادة الدكتور عبد الرحمن قاسملو ضد النظام الملالي في ايران
1984 النضال المسلح لحزب العمال الكردستاني بقيادة عبدالله اوجلان
21 آذار 1986 مظاهرات الكورد ضد حكم البعث في سوريا (مظاهرة أمام قصر الجمهوري في دمشق واحتجاج شعبي ضد قوات الأمن في عفرين)
12 آذار 2004 انتفاضة الكورد في كوردستان سوريا (من قامشلو حتى دمشق)
19-07-2012 ثورة 19 تموز, تموز التي انطلقت من مدينة كوباني حيث حرر الشعب الكردي مدنه من بقايا النظام البعثي , برعاية حركة المجامع الديمقراطي وحزب الاتحاد الديمقراطي
1607 انتفاضة ميرعلي الملقب جان بولاط في حلبثورة جان بولات في حلب عام 1607إن ماعاناه الكرد تاريخياً من العثمانين مالبث أن أصبح حافزاً قوياً أثار المشاعر القومية ضد كل ماهو مجحف بحقهم كأمة لها كيانها خاصة بعد ظهور المجتمع الصناعي في أوربا في القرون الوسطى وتنامي الروح القومية بين الشعوب فكان أن حدث انعطاف تاريخي كردي نحو المصلحة القومية الكردية الأمر الذي أدى مجددا إلى بروز إمارات كردية حديثة على غرار الإمارات القديمة في كردستان وقد كان من بين هذه الإمارات في:
إمارة جان بولات
حيث أن أولى هذه الثورات في هذه المناطق كانت في إمارة جان بولات -جنبلاط-1607 م
وكان مركزها كلس التي كانت تشمل جبال الكرد إلى الغرب منها وكذلك منطقة حلب إلى الجنوب الشرقي منها (بل مافيها قضاء اعزاز وقضاء الباب )
وبعد أن قتل العثمانيون أميرها الأمير حسين الذي كان يتولى شؤون الإمارة من حلب لأنه لم يلتحق ورجاله بالسلطان العثماني في إحدى حروبه فماكان من أخيه الأمير علي إلا أن أعلن الثورة من حلب لكن العثمانين قضوا عليها
وتم على أثرها تشتت القبائل الكردية فمنهم من فر إلى لبنان واستقر بها ومنهم من ذهب باتجاه جبال اللاذقية وحارم واستقر هناك
ويذكر أن مركز إدارة الولاية كان في قلعة بارسيا اوقلعة جان بولات (جبل برصايا حاليا) بجوار كلس
يقول الدكتور (محمد عبدو علي) الباحث في تاريخ وتراث "عفرين تقع قلعة جان بولات على قمة جبل بارسي على ارتفاع 850 م وهي تشرف من جنوبها الشرقي على مدينة اعزاز ومن الجهتين الشمالية والغربية فتطل على حوض"نهر عفرين" ومرتفعات "جبل الكرد وأخيرا فإن المسافة بينها وبين مدينة عفرين 15 كم شرقا.
انتفاضة عبد الرحمن باشا (بابان) 1806-1808 م :

أحد أفراد العشيرة البابانية
لم تستطع السلطة العثمانية ولمدة 300 سنة من إخضاع عشيرة البابان التي كانت تسيطر على قسم كبير من أراضي شمال كردستان وكانت تتخذ من السليمانية عاصمة لها والتي تأسست على يد إبراهيم بابا باشا .عشيرة بابان كانت منظمة نفسها وأقامت العديد من مؤسسات لتسير أمور المجتمع حتى أنها أصبحت نموذج يحتذى به وبسبب ضعف الدولة العثمانية وخوفيها من قوة عشيرة بابان عملت الدولة العثمانية على فرض حكم المركزي على الأمراء الكرد لزعزعة استقرار هذه العشيرة ما أثار غضب الشعب وأدى إلى اندلاع الانتفاضة بقيادة أمير العشيرة.الذي هاجم السليمانية بعد أن استولى عليها العثمانيين وقد عينوا فيها خالد باشا لأنه كان من العملاء العثمانيين.
انتفاضة بدرخان 1842-1847م :
العائلة البدرخانيةاندلعت هذه الانتفاضة في ظل تدخل الدول الأوروبية ومحاولاتها للسيطرة على الإمبراطورية العثمانية التي كانت قد دخلت مرحلة الضعف نتيجة اتساع مساحتها وقيام العديد من الانتفاضات فيها.بعد فشل انتفاضة البابان بدأت عشيرة بوطان (بدرخان) وهي الثانية في تاريخ كوردستان. وكان الكرد يتمتعون بإدارتهم المستقلة ولكن بعد تدخل أوروبا راحت هذه الإدارة تنزع من الكرد شيئاً فشيئاً مما أثار حفيظة الأمراء الكرد وغضبهم على التدخل الأوروبي في شؤون البلاد وبالأخص عشيرة بوطان بقيادة الأمير بدرخان بيك الذين أعلنو انتفاضتهم سنة 1842 م.
عملوا بداية على تشكيل اتحاد بين العشائر الكردية مدعومة بعلاقات جيدة وكبيرة من الأرمن والآشوريين محولة المنطقة إلى أقوى منطقة عسكرية, وقد أثارت هذه الانتصارات قلق العثمانيين من جهة والانكليز والفرنسيين من جهة أخرى لأن من مصلحتهم أن تستمر دولة العثمانيين الضعيفة بدلاً من ظهور قوى جديدة في المنطقة مما دفعهم للعمل على إثارة التفرقة والفتن بين الأمراء الكرد من جهة وبين الكرد والأرمن من جهة أخرى مما جعل الأشوريين والأرمن يوقفون دعمهم المالي السنوي للأمراء الكرد بسبب تلقي الآشور والأرمن مساعدات مالية وخدمية من الانكليز والفرنسيين وبدعم الفرنسيين جهز العثمانيين جيشاً من 60 ألف مقاتل وشنو هجوماً واسعاً على عاصمة بدرخان (جزيرة بوطان).ولكن هذه الحملة انهزمت أمام مقاومة عشيرة بدرخان وأعلن بدرخان استقلال ولايته من وان – رواندوز – موصل – آمد وحتى منطقة أورميه.
مما اضطر العثمانيين لتجهيز جيش من 100 ألف مقاتل للقضاء على بدرخان بيك وقاموا بمهاجمة عشيرة بدرخان من ثلاث جهات وعملو على تحريض بزدان شير على عمه بدرخان من خلال الفتن وأن والد يزدان شير هو الأحق بإمارة كردستان لتلعب الخيانة هنا دورها مرة أخرى في القضاء على إحدى أهم الانتفاضات الكردية وذلك سنة 1847 م.
1880 ـ 1881 انتفاضة شيخ عبيدالله النهري في مدينة شمدينان
الشيخ عبيد الله متوسطاً مجموعة من الثوار الأكراد أثناء ثورة 1880.خلال الانقلابات بين الأسر المالكة في القرن الثامن عشر لم يبدِ الأكراد ميلاً للاتحاد حتى عندما ارتقى العرش الشاه كريم خان زاند, وعندما توفي كريم خان حاول كُردي آخر هو علي خان أن يحكم مكانه, فغلب هذا الأخير على أمره بحلف شمالي اشترك فيه أمير اردلان الكُردي.
وفي عام 1826م بدأ السلطان محمود الثاني بتوسيع الإدارة المدنية العثمانية في كردستان في محاولة لإصلاح الامبراطورية المتفسخة فقاومه الأمراء الأكراد ومرَ ربع قرن قبل أن يجردوا من امارتهم. وفي عام 1843م بأمر الأمير بدرخان سيد جزيرة ابن عمر في بوهتان محاولة للتحرر من الحكم العثماني, وخلق مع حلفائه وبينهم أكراد اردلان في وجه الباب العالي العثماني مشكلة عسكرية خطيرة يزيدها خطورة ما كان يأمل فيه بدرخان من المساعدة الفارسية. استسلم بدر خان لعثمان باشا عام 1847م وأرسل إلى المنفى. وفي عام 1849 كان السلطان قد ألغى حكومة بيتلس الكُردية التي أسسها حكيم أدريس وحكومة أسرة بابان في السليمانية وغيرها مما يرجع تاريخه إلى أول عهد العثمانيين حتى أوج امبراطوريتهم.
عام 1877م بدأت الامبراطورية العثمانية بحرب كبيرة مع الامبراطورية الروسية انتهت عام 1878م, مما سببت دماراً كبيراً في شمال كُردستان, وقد تسببت بمجاعة وانتشار الطاعون الذي اهلك أعداداً كبيرة من السكان سواء الكُرد أو المسيحيين, وقد اشتعلت هزيمة الترك النيران الكامنة في نفوس الكُرد من أجل الاستقلال, لكن كانت هذه المرة موجهة ضد الفرس, على الأقل في بدايتها.
بعد انتفاضة بوتان وجزيرة ابن عمر شبّت الثورة في اقليم هكاري الجبلي من كُردستان القريب من الحدود التركية الفارسية وكانت مرحلة جديدة من الكفاح ضد الاتراك والفرس المستبدين بالكُرد, ولشيوخ النقشبندية دور مركزي في التهيئة لها, وكانت التكايا مركزاً لهم وللجماعات الدينية الأخرى ويرتبط اتباعهم ومريديهم فيما بينهم برباط اشد متانة من الرابطة العائلية.
في تشرين الأول 1880م اندلعت ثورة كُردية بقيادة الشيخ عبيد الله النهري في منطقة شمدينان التابعة لولاية هكاري جنوبي ولاية (وان) على الحدود العثمانية الإيرانية, شاركت فيها أغلب العشائر الكُردية في شمال كُردستان, ما عدا كُرد درسيم.
يعد الشيخ عبيد الله النهري الشمزيناني الزعيم الروحي والقومي المنشود, فهو من مواليد عام1247هجري قمري- 1831م. وينتمي إلى مدينة شمدينان بمنطقة جولمرك (هكاري) في باكورة كُرديتان, عميد أسرة مشايخ شمدينان مسقط رأسه, وزعيم الطريقة النقشبندية في كُردستان بعد الشيخ خالد النقشبندي, ونجل الشيخ طه الشمزيناني الجليل القدر, وارث منزلة اسرته الدينية وسمعتها في العالم الروحي, وأن محمد شاه قاجار (حكم للفترة 1788-1797م) كان من مريدي والده الشيخ طه وكان يرسل إليه كل عام هدايا وتحف نفيسة, كما أنه اعطاه عدداً من القرى لتأمين مصاريف الخانقاه, كانت إحدى زوجات محمد شاه, وهي والدة عباس ميرزا ملك أرا, تنتمي إلى هذه العائلة, وكان عباس ميرزا نفسه مريداً للشيخ, يقع قبر الشيخ طه في طهران.
عندما توفى والده الشيخ طه انتقلت رئاسة المشيخة إلى أخيه الشيخ محمد صالح, وأن هذا الأخير وبعد 12 عاماً من الأرشاد انتقل إلى رحمة الله عام 1865م فتولى الشيخ عبيد الله رئاسة المشيخة الوحيد للطريقة النقشبندية في كُردستان وتركيا وإيران, وقد اصبح يملك نفوذاً كبيراً على اتباع المشيخة ويحوز على احترام الكُرد في كثير من المناطق إضافة إلى مريدين ومحبين من العرب والترك بل أن السلطات التركية نفسها كانت تنظر إليه بعين الوقار.
يصفه الدكتور كوچران قائلاُ :(الشيخ عبيد الله النهري يبلغ خمسون عاماً من العمر, جذاب إلى حدٍ كبير في مخبره, وهو يرتدي حلة فضفاضة من جبة واسعة الأطراف والأكمام, ويعمم بعمامة بيضاء).
كان عمهُ الشيخ صالح رأس الطريقة النقشبندية. و(سميت عائلته بسادات نه هري (نهري أو نيرى أو نايرى), وأن العائلة انتقلت في زمن (الملا هجيج) إلى منطقة (هه مارو) وبقت هناك حتى زمن الملا صالح وكان للملا صالح ولدين, سيد عبد الله وسيد أحمد. وقد اصبح سيد عبد الله أحد خلفاء مولانا خالد وهو من اعاظم الصوفية. وبعد اعتناقه الطريقة النقشبندية رجع سيد عبد الله إلى قرية (نهرى) وسكنها هو وأولاده واحفاده من بعده وكانت للعائلة في المراحل الأولى نفوذ ديني ثم اصبح لها نفوذ مادي دنيوي وقد ازداد هذا النفوذ بصورة متزايدة جداً في زمن الشيخ عبيد الله).
ورث عن والده عدداً من الضياع التي جاءته منحاً من السلطان والشاه, وقد زاد فيها حتى ناهزت المائتين فعدّ واحداً من كبار الملاكين في كُردستان, كما كان يملك عدداً من القرى في سهل (مه ركه فه ر, وته ركه فه ر), لكن الشيخ عبيد الله زاد من عدد القرى فكان يحوز على ما يربو عن 200 قرية. وبنظر شيوخ بارزان مناقضة للصفة الدينية الصوفية التي يدعيها الشيخ, فنددوا بها واتهموا شيوخ همدينان بالخروج عن جادة الطريقة والدين وقالوا أنهم علمانيون اكثر مما هم روحانيون.
كان الشيخ عبيد الله إنساناً بسيطاً قانعاً عادلاً ومؤمناً بالله ومتديناً جداً, كان مهتماً جداً بتحسين معيشة الكُرد, كل ذلك جعل من مواطنيه تبجيله, والنظر إليه وكأن الله ارسله إليهم كمنقذ.
الشيخ عبيد الله النهري شخصية نذر نفسه لشعبه معتزماً بأحكام الإسلام النقية في سائر انحاء وطنه, كان مؤمناً إيماناً راسخاً بأن فساد الحكومة العثمانية وافعال أشرار الرجال هما سبب الدمار الشامل الذي ابتليت به كردستان. كان الشيخ عبيد الله قد ورث المجد كابراً عن كابر, واذعن الناس لهذه الأسرة معتقداً فيهم الولاية والتقوى فخضعت لهم منطقة شمزينان من ولاية هكاري وتوسع نفوذهم الديني فنقاد لهم الناس في اذربيجان الصغرى الغربية ايضاً, فاستغلت حكومة السلطان عبد الحميد تقواه وتمسكه بالدين, فحاولت أن تحثه على شن حرب شعواء على الأرمن والمسيحيين القاطنين في هكاري وأرومية إلا أن الشيخ لم يعر الحكومة العثمانية إذناً صاغية.
وقد تمَ اسناد منصب قيادة العشائر الكُردية إليه اثناء تلك الحرب كان لهُ ابعد أثر في مجريات الأحداث بعدها في كُردستان, وربما كانت العامل الرئيس لبروز زعامته القومية. هذا المنصب كان يعني اعترافاً رسمياً بزعامة الشيخ في كُردستان وبأثر مساوٍ لأي تقليد رسمي لمنصب أنكر على أي كُردي منذُ العام 1847م.
حتى بات أكبر الرجال نفوذاً في شرق كُردستان, وعند أكراد الحدود كان شخصه وسلطته أقدس واعظم مهابة من السلطان نفسه. ويرى الدكتور بلوم كوچران (الطبيب بفارس, وكان المعالج للشيخ عبيد الله النهري) في تقريره وهو:" الذي عرف الشيخ خير معرفة وكان على صلة وعلاقة متينة به, إنه كان يُعد نفسه ثالث اعظم الشخصيات العظمى في مقام التسلسل الديني للإسلام فضلاً عن كونه ملك الكُرد الدنيوي.
تمتع الشيخ عبيد الله النهري بنفوذٍ عظيم. وهو القطب النقشبندي الكُردي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر (برزت زعامة الشيخ عبيد الله مطلع السبعينات من القرن التاسع عشر), ويعد في الوقت عينه من كبار رجال الأقطاع المهتمين بالتجارة, وتأمين التعامل التجاري وبوضع حدٍ لأعمال الشقاوة والفوضى وقطع الطرق. وكان لمركزه الديني أثره في النهج السياسي الذي انتهجه فيما بعد, مستفيداً من استياء المجتمع الكُردي وسخطه على الموظفين العثمانيين والحكومة. وبدت تكيتهُ مركزاً ومقراً للدعاة والمريدين ومقصداً لنوابه وخلفائه الذين كانوا يترأسون التكايا في مختلف المناطق.
قبل اندلاع الحرب الروسية العثمانية تورد بعض المصادر أن نزاعاً حصل بين الشيخ عبيد الله وبين السلطات الإيرانية عندما رفض اتباع الشيخ في الشطر الشرقي من كردستان دفع الضرائب إلى الحكومة القاچارية باعتبار أن الأراضي التي يستغلونها تعود إلى الشيخ وليس إلى الحكومة القاچارية.
كان الشيخ عبيد الله يرد أن تستقر الأوضاع في ظل حكومة عادلة حتى تتطور المنطقة وتزدهر التجارة بالقضاء على المهربين وقطاع الطرق وهو أمر لم يكن باستطاعة الدولتين العثمانية والإيرانية إتمامه. وتبين الوثائق البريطانية أن الشيخ عبيد الله أقدم على شراء الأراضي الزراعية في (گه فه ر وباشقلا ومرگه فه ر وترگه فه ر) بغية تحسين معيشة المواطنين وتشغيل اكبر عدد منهم في الزراعة وقد اقترح على الدولة الإيرانية تأجير سهول (مرگه فه ر وبرادوست) ومقابل مبلغ سنوي ولنفس الغرض وبغية القضاء على السرقات والاعمال اللصوصية. وقد اوفد نجله عبد القادر إلى إيران, لكن السلطات الإيرانية التي كانت تحصل على المنافع وتشارك اللصوص امتنعت عن تأجير الأراضي إليه فكان أن هدد باجتياح المنطقة للقضاء على اللصوص. كان الشيخ وهو يرأس الطريقة الصوفية يؤمن بالعدالة والمساواة ويؤمن بوجوب محاربة الظلم والحكام الفاسدين, إذ أن الطريقة ترتكز على مبدأ رفض الظلم والمساواة بين الناس, كل الناس, مهما كانت اديانهم أو اعراقهم أو مذاهبهم لأنهم خلق الله وبشر متساوون في الحقوق والواجبات, وأن كل الشرائع هي للتعرف على الله. تشير المصادر أن اغلب محصول التبغ في هكاري كان يعود للشيخ عبيد الله وكان يصدّر الكثير منها إلى اوروبا, أنه كان ينافس إنتاج التبغ الشركة الفرنسية (ريژي).
لم يكن الشيخ رجل دين وحسب إنما كان زعيماً حقيقياً لشعب كُردستان, و(لم يكن يتمتع بنفوذ ديني لكونه رئيس الطريقة النقشبندية وحسب, بل كان واحداً من اثرياء الملاكين في كردستان, فقد كان يمتلك 200 قرية في تركيا وإيران على السواء, وكان في ذلك الوقت قائداً دون منازع للكُرد في تركيا وإيران ايضاً. لذلك اتهم الشيخ (محمد بچكولة) علناً عائلة شمزينان بانها قد انحرفت عن طريقة الدين الصحيحة لأنها اصبحت صاحبة سلطة دنيوية اكثر من كونها صاحبة ارشاد ديني.
كان أحد اسباب شرارة ثورة الشيخ عبيد الله النهري سنة 1297هـ/ 1880م إثر قيام قائمقام (كه ودر) بإنزال العقاب بزمرة من عشيرة الهركي, نهبت إحدى القرى. ما أن بلغ الشيخ ذلك حتى بعث برسائل إلى زعماء الكُرد يحثهم فيها على الثورة قائلاً (لم يعد هناك بعد أي حكومة تركية وهو عازم في غضون ثمانية ايام على التقدم نحو العمادية), وممن بلغته الدعوة شيخ محمد (البريدجان) الذي لم يضع وقتاً في نقل نوايا الشيخ إلى والي الموصل. وبعد خمسة ايام خرج فوج من الموصل, وعسكر في موضع مجاور لمدينة العمادية, وحشد الشيخ قوة من تسعمائة مسلح, اناط قيادتها بابنه (عبد القادر) لتشن هجوماً على القوات العثمانية, فصد هجومها وانكفأت على عقبيها.
كان موقف الحكومة من الشيخ عبيد الله محيراً, فمع أن الأوامر الصادرة من استنبول كانت حازمة في التشديد على وجوب التصدي للثوار بقوة, ومع علم والي (وان) ووالي (الموصل) وغيرهما من موظفي الدولة الكبار بما يبطن الشيخ, وعدم ثقتهم به, حتى الصدر الاعظم نفسه فقد بعث له ببرقية يحثه فيها على توثيق علاقاته بالسلطات المحلية, وحمل البرقية إليه مفتي (وان) نيابة عن الحكومة المحلية.
تفيد التقارير في حينه أن جيشه كان يتألف من ثلاثة ارتال : احدهما بقيادة ابنه الفتى ( عبد القادر) وكانت حركته على جبهة واسعة من سواحل بحيرة اورمية الجنوبية نحو صاوبلاغ وقدر نائب القنصل (كلابتين) عدد افراد هذا الرتل بعشرين الفاً مع تحذيره من الاعتماد على هذا التقدير. أما (نيكيتين) الذي ينقل عن كتاب فارسي لمؤلف مجهول, فيرفع رقم قوة (صاوبلاغ) هذه إلى ما يتراوح بين أربعين الفاً وخمسين. والقنصل العام (آبوت) الذي قدرها بالأصل ما بين عشرة آلاف وثلاثين ألفاً. قال انها تضاءلت اثناء الحملة ولم يبق منها غير الفا وخمسمائة بسبب عودة المقاتلين إلى اهاليهم أثناء الحملة.
كما التحق بجيشه عدد كبير من الآشوريين, وأنه (حضي ايضاً بشعبية كبيرة بين شعوب المنطقة ومختلف فات السكان).
تم الاستيلاء على (صاوبلاغ) من قبل مقاتلي الشيخ عبيد الله من غير قتال بعد أن اعطي حاكمها وحاميتها الأمان, فتركوا المدينة بسلام, كانت مدينة (مياندواب) الهدف الثاني, (ووضع السيف في رقاب الآلاف الثلاثة الباقين المتخلفين من رجال ونساء واطفال عندما وقعت المدينة بيد رتل عبد القادر, واطلقت يد الفاتحين ليلعبوا سلباً ونهباً في سائر المناطق المجاورة امتداداً حتى (بنياد) و(ميركة). تدمير (مياندواب) كان نصراً أجوف, ثم استدار عبد القادر إلى (ميركة) وبعد استيلائه عليها, واصل التقدم, ووردت انباء تشير إلى أنه قد اقترب من (تبريز) وهنا كانت نهاية ما بلغته قواته. وفي الوقت الذي اشارت الانباء إلى أن قوات الشيخ (صديق) تهدد مدينة (أرومية) بألف من المقاتلين.
عززت قواته بانضمام والده إليه بقوات أخرى, وبهذه القوة البالغة ثمانية آلاف شرع الشيخ في إلقاء الحصار على المدينة. طلبت السلطة الفارسية المحلية تمديد الأجل في المفاوضات وقد توسط الدكتور كوچران في الأمر.. واستفادت السلطات الفارسية من التأجيل لتقوية تحكيمات المدينة ودفاعاتها ولسبق علمها بأن رتلاً من القوات الفارسية هو في طريقه لنجدتها, قرر حاكمها (إقبال الدولة) المقاومة. أخيراً عندما اشتبك الفريقان رُدّ الكُرد على اعقابهم بعد أن تكبدوا خسائر جسيمة. هذه النكسة كما يبدو حطمت معنويات قوات الشيخ عبيد الله, إذ سرعان ما دبت فيها الفوضى وبدأت بالتقهقر اشتاتاً متفرقة ووجهتها الجبال.
بعد فشل ثورة الشيخ عبيد الله النهري حط رحاله بالأخير في استنبول العاصمة وبلغها في شهر تموز 1881م. كان ذلك نتيجة الضغوط الكبيرة التي مارستها الدول الكبرى على الباب العالي. ومن ثم تسلل من العاصمة هارباً بعد قضائه بضعة اشهر وعاد إلى موطنه الجبلي في (نهري). وسايرت الحكومة العثمانية الرأي العام الأوروبي بإرسال قوات عسكرية دعته إلى الاستسلام. فلم يسعه إلا ذلك بعد أن سدت السبل أمامه وانفض عنه اتباعه, فنفي إلى الحجاز وادركته الوفاة بمكة في العام 1883م.
وهناك رأي آخر أن القيصر الروسي لبى دعوة الشاه فحشد الجيش الروسي على الحدود ثم وقع عبيد الله النهري في قبضة القوات التركية وتم ارساله إلى استنبول وعاش بصفة اسير فخري ثم سجن سنة واستطاع الهروب من السجن ثم قبض عليه ونفى مع 100 عائلة إلى المدينة المنورة وتوفى هناك سنة 1888م. أما ابنه عبد القادر وعائلته فقد عاد من المنفى واشترط عليه العثمانيون إلاّ يخرج من استنبول وبقي إلى سنة 1925م ثم ألقت السلطات التركية القبض عليه, حيث أتهمته بترأس جمعية (تعالى كردستان) وحكم عليه بالإعدام, وهكذا فشلت ثورة عبيد الله النهري, ومن اسباب فشل الثورات الكُردية أنها كانت قد حدثت قبل أوانها فالشعب الكُردي لم يكن متهيئاً لهذه الثورات اقتصادياً وسياسياً وثقافياً.
يقول القادة الإيرانيون الذين شاركوا الحرب ضد الشيخ عبيد الله (لهذا الشيخ مريدون ينفذون أوامره دون نقاش, وهم ينتشرون من بايزيد إلى الموصل والسليمانية وكركوك وديار بكر)
1906 ثورةالميليين بزعامة إبراهيم باشا رئيس عشيرة الميليين الكوردية القاطنة في سورياوتركيا
لاحقا وفي عهد أيوب بك ابن إبراهيم باشا الأول استقل الاتحاد الملي بشؤونه وطور أيوب بك قوة القبيلة ولم يكترث بأوامر الحكومة العثمانية ودام حكمه لفترة طويلة إلى أن زحف الجيش العثماني عليه ودارت بين القوات الملية والعثمانية معارك دامية أسفرت عن القبض على أيوب بك وسجنه في قلعة ديار بكر. وظل مسجوناً إلى أن مات فانتقلت الرئاسة إلى ابنه تيماوي بك وهو حفيد تيمور باشا السابق الذكر.
الشيخ عبدالسلام البارزاني
" 1882_1914"
هو الشيخ عبدالسلام ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عبدالسلام ابن الشيخ عبدالله ابن الشيخ عبدالرحمن ابن الشيخ تاج الدين (ملا بكر) ابن سعيد ابن مسعود، حيث يعتبر الأخير جدهم الأكبر.
ومع بداية عهده كان ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺭ ﺍلعلاقات الاقطاعية، وذلك ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1902 ﺣﻴﻦ ﺃﻋﻠﻨﺖ ﺑﺎﺭﺯﺍﻥ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ، حيث تم ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﻄﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺰﻳﺒﺎﺭ ،فشهدت ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﻬﺪﻳﻨﺎﻥ ﺑﻮﺍﺩﺭ ﺗﺤﻮﻝ ﻃﺒﻘﻲ ﻭﺍﻧﻘﻼﺑﺎً ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ، ﻭكان ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ ﺍﻟﻔﻼﺣﻲ ﺍﻟﻤﻨﻈﻢ ﻫﻮ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻜﺮﺩﻳﺔ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﻟﻮﻻ ﻭﻗﻮﻑ ﻣﺸﻴﺨﺔ ﺑﺎﺭﺯﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ .
ومن اهم ما انجزه الشيخ عبدالسلام الثاني في برنامجه :
_ القضاء على النظام الاقطاعي
- توزيع الاراضي على الفلاحين
- منع الزواج القسري واكل المهور
- تشييد مسجد في كل قرية لاداء الفرائض الدينية والاستفادة منه كمركز للاجتماعات والمشاورات وحل المشاكل بين اهالي القرية
- تشكيل لجنة في كل قرية تشرف على شؤونها من كافة النواحي
- العدالة الاجتماعية بين جميع طوائف كوردستان، وخاصة في قرية بارزان وما حولها لوجود اتباع الاديان الثلاث.
وحاول خصوم المشيخة البارزانية عرقلة مشروع عبدالسلام الثاني الاصلاحية، وكانوا يتصورون انه يهدف من وراء ذلك الى فرض مشيخته على الاخرين وقد صورت مركز "السادات النهرية" مايقوم به الشيخ من تحركات وجولات في المنطقة تهديدا صريحا لهم،وهو ماكان يعتقده جازما الشيخ محمد صديق النهري، الذي حارب تلك الاصلاحات، الا ان الشيخ محمد صديق توفي عام (1911) ولم يحقق اهدافه وخططه ضد الشيخ عبدالسلام الثاني، فخلفه ابنه السيد طه الثاني بعد صراع قوي مع عمه عبدالقادر على الخلافة، والذي تحسنت علاقته كثيرا مع الشيخ عبدالسلام حتى انه قد لجأ الى بارزان عندما كان مطلوبا من العثمانيين.
كما انه في عهده اصبحت القومية الكردية اكثر شيوعا وتطورا وان لم تأخذ المسار ذاته الذي كان يريده القوميون الكورد الرومانسيون وغيرهم في استانبول اما في كوردستان فإن الافكار القومية وجدت طريقها الى الطرق الصوفية والتكايا، اذ اصبح الشيوخ مؤيدين متحمسين لها، ولاقت هذه الافكار رواجا وقبولا واسعا ايضا من عموم الكرد لانها تحمل وصمة الشيوخ ولان التكايا كانت منيعة من تدخل السلطات ومضايفاتها، ولأن الشيوخ كانوا اقرب الى الجماهير من بقية النخب الاخرى
_ التسامح الديني في عهده :
لطالما عاش اتباع الاديان الثلاث في تلك النواحي بوئام وسلام، وكان العثمانيون ينظرون بنظرة الحقد والكره الى هذا التسامح الديني الذي يبديه الشيخ عبدالسلام والذي سمي ب "شيخ النصارى"، وكانت علاقته ممتازة ايضا مع اليهود حيث جمعت صداقة عميقة بين مشيخة بارزان وعائلة "غباي" وعندما القت الدولة العثمانية القبض على الشيخ عبدالسلام وحكمت عليه بالاعدام، قدمت عائلة "غباي" والتي كانت من اغنى عائلات كوردستان كيسا من الذهب وارسلته مع إلياهو غباي الى اسطنبول من اجل انقاذ الشيخ وعاد ومعه امر يلغي عقوبة اعدام ولكن العثمانيون تراجعوا عن ذلك وقاموا باعدام الشيخ.
وما زاد مـن أهميـة التسـامح الديني في دعواته أن الفـترة التي نشـط فيـها شـهـدت إجتـمـاع غـيـوم إبادة الأرمن في أفق الدولة العـثـمـانيـة.،وعلى رغم أن عـدداً من البــاحـثين والأوسـاط الســيـاسـيـة يـحـمّلون عـشــائر كُـردية مـســؤوليـة المشـــاركــة في تقـــتــيل الأرمن لـدوافع دينيـــة في العــقـــدين الأول والثاني من الـقــرن العشرين، إلا أن الوقـائـع التـاريخــيـة تكشف أن عــشـائر كُــردية كـثـيــرة في مـقــدمـهــا العـشــيـرة البــارزانيـة قد دافــعت بشـدة عن الأرمـن في وجـه الحــمـلات العـثمـانيـة، وكـان لنظرة الشيـخ عبـدالسـلام التسـامـحيـة دور كـبيـر في توسـيع
رقـعـة التـسـامح الديني في المجتمع الكُـردي، والذي نتج عنه في مـا بعـد بيئة كوردية متسامحة ومعتدلة يمكن ملاحظتها حتى الآن.
_ انتفاضة الشيخ عبدالسلام :
قام الشيخ عبدالسلام الثاني بجولات عديدة لتحسين العلاقات بين العشائر الكوردية، او بتعبير آخر اصلاح البيت الكوردي من اجل تحقيق حلم الدولة الكوردية، وقام بزيارة ايضا الى الشيخ بهاء الدين نقشبندي في بارمني مع انه كان في عداء دائم معه.
ونشط في البحث عن وسيلة ناجحة للخلاص من الحالة التي وصل اليها الكورد، وكان له دور اساسي في نشر فكرة الاصلاح السياسي بين ابناء كردستان، فكون صلات وثيقة مع الجمعيات الكردية الفاعلة ك (جمعية تعالي وترقي وجمعية هيفي وجمعية استقلال الكرد) كذلك كون علاقات جيدة مع الشيخ محمود الحفيد والشيخ عبدالقادر النهري وسمايل اغا شكاك (سمكو)
وفي ربيع عام 1907 حضر الشيخ عبدالسلام اجتماعا هاما عقد في دار الشيخ نور محمد البريفكاني زعيم التكية القادرية في قرية بريفكان، وحضره عدد كبير من زعماء القبائل الكردية، وتقرر في الاجتماع رفع برقية الى الباب العالي في الاستانة متضمنة المطالب التالية :
1- جعل اللغة الكوردية لغة رسمية
2- جعل التعليم باللغة الكوردية
3- يعين القائمقائمون ومدراء النواحي، وبقية الموظفين ممن يتقنون اللغة الكردية
4- تجري الاحكام بمقتضى الشريعة الاسلامية
5- يعين لمناصب القضاء والافتاء ممن هم على المذهب الشافعي، لان المذهب الحنفي كان المذهب الرسمي للدولة العثمانية
6- تؤخذ الضرائب من المكلفين بدل الخدمة على ان تخصص لاصلاح الطرق وفتح المدارس
وهكذا فإن المطالب قد تنوعت بين ماهو قومي وماهو ديني، وكان المطلب الخامس يشير الى دهاء الشيوخ لان المناصب الخاصة بتعيين القضاء والمفتيين من المذهب الشافعي، الذي يتبعه معظم الكرد كان يساوي طلب الاعتراف بأهمية العامل الديني وهذا يعني تأسيس قيادة روحية كردية.
ويقول الدملوجي في كتابه امارة بهدينان بأن صورة من البرقية ارسلت لكل من الشيخ عبدالقادر النهري وامين عالي بدرخان والفريق شريف باشا، وكان ذلك خلافا لرأي الموقعين على البرقية التي ارادوها رسمية بحتة.
وفي هذا الاجتماع اقسم الجميع اليمين المقدس على التمسك بهذه المطالب والدفاع عنها، ورفع البرقية بتوقيع الشيخ عبدالسلام نيابة عن الجميع، وبعد تسلم الباب العالي للبرقية اعتبروها خروجا عن الطاعة، وطلبا للانفصال، فاعلن النفير العام وتحركت القوات عام 1907،بقيادة الفريق محمد فاضل باشا الداغستاني، ولم يقاومه احد من زعماء العشائر فوقع كل الضغط على بارزان، وامر الشيخ عبدالسلام بالدفاع والمقاومة، فاستمروا بالصمود لمدة شهرين ووقف الاخرون موقف المتفرج او حتى المتعاون مع الغزاة، وفي النهاية اضطر الشيخ عبدالسلام الى ترك المنطقة وذهب الى "مار شمعون" في تياري، الذي وفر له ملجأ واحترمه كثيرا ومنذ ذلك الوقت تكونت علاقة ودية بين بارزان والاثوريين.
ودخل الداغستاني بقواته الى المنطقة، واحرق القرى ونهب الاموال واعتقل حتى النساء والاطفال، وفي هذه المواجهة وقع الملا البارزاني مع والدته في الاسر وسجن معها في سجن الموصل، واختفى عدد كبير من الرجال المسلحين في مناطق نائية انتظارا لتعليمات الشيخ.
عاد الشيخ الى بارزان عام 1908 وجمع حوله رجاله وتجمعوا شمال قرية بارزان، وشنوا هجوما مباغتا وعنيفا على الوحدات العثمانية وتمكنوا من تطهير المنطقة باكملها، والحقوا خسائر فادحة بهم،. وعلى اثر ذلك طالب العثمانيون بمفاوضات مع الشيخ، ووافق الشيخ، وتم عقد صلح عاد بموجبه المساجين، ودفعت تعويضات عن الاضرار التي لحقت بالمنطقة، وتسلم امر اللواء اسعد باشا قائد الفيلق 12 ووالي الموصل مسؤولية المنطقة، على ان يكون عدد عدد المحمية العثمانية محدودة العدد، وعادت الحياة الى طبيعتها بعيدا عن الاحقاد،وحين بدأت حرب العثمانيين في البلقان سنة 1912، بعثَ الشيخ عبد السلام رسالة إلى "الباب العالي" في الدولة العثمانية، والتي قال فيها: "أنا الآن في (آكري)، وحالياً تدور رحى الحرب في البلقان، أشعر بالحزن، لأن إخوتي في الدين يحاربون، وأنا أنعم هنا بالراحة، وقد جهزت 12 ألف مقاتل بأسلحتهم لدعم إخوتنا في الدين، وعليه يجب أن ترسلوا قائداً عثمانياً مع بعض المقاتلين لقيادة هؤلاء من أجل التوجه إلى البلقان عن طريق البحر مروراً بـ(حلب)، أو عن طريق (أرزروم) مروراً بـ(وان)"، ومن جهتها ردَّت الدولة العثمانية على رسالته، وبعثت رسالةً موقعة من السلطان محمد رشاد "محمد الخامس" والصدر الأعظم، قالت فيها إن "هذا ليس ممكناً لأن المسافة بعيدة، ونحن نشكر الشيخ عبدالسلام البارزاني، ونُقلده رابع أكبر رتبة في الدولة العثمانية، تثميناً لهذا العمل البطولي بتجهيز 12 ألف مقاتل".
ولكن الامر تغير عند تسلم سليمان نظيف مسؤولية ولاية الموصل فبدأ بسياسة الاضطهاد والارهاب بشكل عنيف حيث كان سليمان نظيف، وضياء كوكالب، وعبدالله جودت، ينتمون لتيار "تركيا الفتاة، أو الأتراك الشباب" (اتحاد لمجموعات عديدة مؤيدة لإصلاح الإدارة في الدولة العثمانية)، ومع أن الأشخاص الثلاثة المذكورين كانوا كورداً، إلا أنهم ما كانوا يقبلون بالحقوق القومية للكورد، وفي ذلك الوقت أرسل سليمان نظيف من خلال عدد من العشائر الكوردية رسالة إلى "الباب العالي"، اشتكوا من خلالها على الشيخ عبدالسلام البارزاني، فأرسلت الدولة العثمانية 6 آلاف جندي تركي مدججين بالمدافع لمهاجمة الشيخ عبد السلام عام 1913 لاعتقال الشيخ عبدالسلام، الذي ترك المنطقة مرة اخرى قاصدا شرق كوردستان وحل ضيفا على سيد طه بن محمد صديق النهري وخصص الباب العالي جائزة ثمينة لمن يقبض عليه حيا او ميتا.
وفي اثناء ذلك ذهب لزيارة سمايل اغا شكاك وذهبا سويا الى تفليس وقابلا مندوب قيصر روسيا الذي وعد بدعمهم في محاولتهم للتحرر من حكم العثمانيين وفي طريق عودته وبعد ان ودعه سمايل شكاك في سلماس مر بقرية (گه نگه جين) راح صاحب القرية ويدعى صوفي عبدالله يتوسل للشيخ بالنزول الى قريته فلبى طلبه ونزل بضيافته، واثناء نوم الشيخ قام الخائن صوفي عبدالله باعتقال الشيخ وحراسه الثلاث وتسليمه للعثمانيين وتقاضى جائزة على خيانته، ونقل الشيخ الى الموصل وبعد محاكمة صورية رتبها سليمان نظيف حكم عليه وعلى حراسه بالاعدام ونفذ الحكم في 14/12/1914 وتوجد رواية اخرى تقول انه قد اعدم في كانون الثاني 1915.
وباستشهاده انتقل احمد اغا البير سيافي مع قوة تعدادها 100 شخص مسلح الى قرية بارزان لحماية احمد البارزاني واشقائه من هجمات القبائل المجاورة.
وتسلم الشيخ احمد قيادة بارزان بعد استشهاد اخيه عبدالسلام وكان عمره 18 عاما وسار على نهج اخيه وتمسك بمبادئه وحافظ على الاصلاحات الاجتماعية وطورها، وانطلاقا من تلك المبادئ فقد كان اول من هب لنجدة الشيخ محمود الحفيد عندما ثار ضد الاستعمار البريطاني عام 1919.
وتقديرا للدور الكبير الذي لعبه الشيخ عبدالسلام، فقد ارسل الشيخ عبد القادر نهري رسالة حملها الشيخ عبدالرحمن الشرنخي الى الشيخ احمد اقترح عليه ان يتولى قيادة الحركة الكوردية، الا ان الشيخ احمد رفض قبول ذلك، واصر على ان يكون هذا الدور للشيخ عبدالقادر، وبناء على طلبه ارسل الشيخ احمد شقيقه مصطفى البارزاني الى كوردستان تركيا مع الشيخ عبدالرحمن الشرنخي حيث التقى مع الشيخ عبدالقادر والشيخ سعيد بيران في منطقة موش وكان في فترة بين عامي 1917_1919
الجدير بذكره بأنه قد قامت انتفاضة في ولاية بدليس بالتزامن مع انتفاضة عبدالسلام "ويرى بعض الباحثون انه قد كان هناك تنسيق بينهما" وذلك بزعامة كل من الشيخ سليم وشهاب الدين والشيخ علي وامتد لهيبها لمدينة بدليس ولكن القوات العثمانية ادركتها حالا وقضت عليها فورا وقبل استفحال امرها وتمكن زعيمها ومدبرها الاول الشيخ سليم من اللجوء الى القنصلية الروسية فلبث فيها حتى اعلان الحرب العالمية الاولى،. حيث اقتحم الترك القنصلية المذكورة واخرجوه منه عنوة واعدموه
_ مشيخة البارزانية بعد الشيخ عبدالسلام :
بعد إعدام الشيخ عبدالسلام دخلت الحركة القومية الكُردية في مرحلة بالغة التـعقـيـد والحـساسـيـة، والواقع أن أسبـاب هذا التـعـقيـد إسـتمـدت جـذورها من دخـول العــالم في ذلك العــام حـقـبــة الحـرب العــالمية الأولى التـي لم يمض وقت طويل حــتـى إندلعت في الـثـامـن والعــشــرين من تموز ١٩١٤، وكــانت مـنطقــة الشـرق الأوسط التي تقع كُـردسـتـان في قلبـهـا الجـغـرافي إحـدى أهم السـاحـات التي تأثرت بسنوات الحرب وما تمخض عنها من نتائج.
وتولى الـشـقـيق الأصـغـر للـشـيخ عـبـدالسـلام، الشــيخ أحـمـد(١٨٩٦١٩٦٩) مـشـيـخـة بـارزان في وقت لم يكن تجـاوز الثـامـنة عـشـر من عمـره، وفي بداية توليه المشيخة إنهمك الشيخ أحـمد في إعادة تنظيم صـفوف عـشيـرته التي أنهكتـها حـملات الملاحقة والتـشـريد والقتل، والأرجح أن توليـه المشيخة وهو في سنٍّ مبكرة وإفتقاره الى الخـبرة الكافية جعلتاه ينتظر الى عام 1927 حتى يعود الى تنشيط دور البارزانيين في الحركة القومية الكُردية، ليعود ويفتتح عهد جديد من الثورات البارزانية لنيل حرية الشعب الكوردي.
1918ـ 1919 انتفاضةالشيخ محمود البرزنجي الأولى

تعتبر العمليات المسلحة التي قام بها الشيخ محمود الحفيد البرزنجي في لواء
السليمانية عام 1919 عشية قيام الدولة العراقية أوائل العشرينيات من القرن الماضي والتي استمرت حتى عام 1931 محطة مهمة في تاريخ العمل العسكري الكردي.
من التحالف مع تركيا إلى الانقلاب عليها
كان الشيخ البرزنجي ينتمي إلى أسرة كردية مشهورة لها نفوذ ديني واسع بين الكرد في السليمانية، وكانت الدولة العثمانية في صراع مع بريطانيا للحفاظ على وجودها في العراق. فأمده الأتراك بالفعل بالمال والسلاح ووضعوا تحت تصرفه الفوج العثماني من لواء السليمانية عام 1918 وأعلنوه متصرفا في شؤون اللواء بأكمله.
لكن بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى انضم الشيخ البرزنجي إلى الطرف الذي كسب المعركة فأعلن تسليم لواء السليمانية إلى القوات البريطانية في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1918 ولم يكتف بذلك بل سلم لهم الفوج العثماني نفسه فوقع ضباطه وجنوده أسرى في يد القوات البريطانية، وقد كافأه الإنجليز على ذلك بتعيينه حاكما (حكمدار) على لواء السليمانية لكنهم عينوا معه الرائدين نوئيل ودانليس مستشارين له.
مواجهات عسكرية ضد بريطانيا
لم يرض البرزنجي بما حصل عليه من بريطانيا واعتبره غير كاف مقابل ما قدمه من خدمات لها فقد كان يتطلع إلى حكم المزيد من المناطق والألوية الكردية، فقرر مواجهة بريطانيا بعد أن أعلن أنها تنصلت من وعودها له.
بدأ البرزنجي يتصل بالحركات المناوئة للنفوذ البريطاني في العراق لا سيما في منطقة شرناك الواقعة في الجهة الجنوبية الشرقية من الأناضول على الحدود السورية العراقية، مما دفع الإنجليز إلى التفكير في التخلص منه، واستقر رأيهم على تعيين الميجور سون حاكما سياسيا للسليمانية في مارس/آذار عام 1919 لتقليص نفوذه، فاختار البرزنجي العمل العسكري المباشر للرد على الخطوة البريطانية تلك، فقام بانقلاب عسكري في السليمانية مستعينا بفرقة عسكرية كردية تسمى "الشبانة" وساندته في ذلك القبائل الكردية في إيران وخاصة قبيلتي الهورامان ومريوان، وقد حقق الشيخ البرزنجي في البداية انتصارا عسكريا واستطاع أن يعتقل الضباط الإنجليز في بيوتهم وتولى هو وفرقة الشبانة السلطة المطلقة وقطع الخطوط السلكية في كركوك واستولى على قافلة تحمل أسلحة وأموالا كانت متجهة إلى "كفري" في السليمانية واستولى كذلك على حلبجة في 26 مايو/أيار عام 1919.
إزاء هذه الأعمال المسلحة في المناطق الكردية سيرت بريطانيا حملة عسكرية كبيرة في يونيو/تموز عام 1919 أحاطت بالبرزنجي وفرقته وحاصرته في "دربند بازيان" قرب السليمانية وتمكنت من أسره بعد إصابته بجراح أثناء الحصار، وأسرت معه العديد من أتباعه، وأرسلتهم جميعا إلى بغداد وسيطرت القوة البريطانية تماما على السليمانية وأصدرت حكمها بالإعدام على الشيخ البرزنجي ثم خففه بعد ذلك القائد البريطاني في بغداد إلى عشر سنوات مع النفي إلى الهند.
الوعد بحكم ذاتي كردي
فشلت إذن حركة الشيخ البرزنجي المسلحة وهدأت الأوضاع إلى حين، وبالرغم من القضاء على الحركة الكردية فإن الحاكم البريطاني العام في العراق عزم على منح الكرد وضعا خاصا يتيح لهم حكما ذاتيا ليتجنب عودة الاضطراب إلى المناطق الكردية مرة أخرى، وجاء هذا العزم البريطاني حتى قبل أن يستكمل البريطانيون تنظيم استفتاء عام بين أفراد الشعب العراقي على حكومة مركزية وطنية يرأسها الملك فيصل بن الحسين، واستشهد الحاكم العام البريطاني بنص المادة السادسة عشرة من لائحة الانتداب البريطاني على العراق التي جاء فيها "إنه لا يوجد في هذا الانتداب ما يمنع من تأسيس حكومة مستقلة إداريا في المقاطعات الكردية".
لكن خطوات تنفيذ الحكم الذاتي المستقل إداريا على الأرض لم تتم بالسرعة التي كان يتوقعها الكرد، وحل موعد استفتاء الشعب العراقي عام 1921 على أمر تنصيب الأمير فيصل بن الحسين ملكا على العرق فرفض الكرد في السليمانية الاشتراك في هذا الاستفتاء وأعلن الشيخ قادر شقيق الشيخ محمود المنفي في الهند مطالبته بحكم ذاتي مستقل ورفض فكرة الانضمام إلى العراق.
عودة البرزنجي
" مرت عمليات البرزنجي المسلحة بفترات من الهزيمة والانتصار وشهدت تغيرات في التحالفات مع القوى الإقليمية المجارة التي كانت لها أهدافها الخاصة في العراق وكانت المصلحة هي الحاكمة في عقد أو فض مثل هذه التحالفات " |
كانت تركيا تراقب الأوضاع بين الكرد والحكومة العراقية والقوات البريطانية عن كثب وأرادت أن تستغل الغضب الكردي للضغط على بريطانيا من أجل حل مشكلة الموصل المتنازع عليه بينها وبين بريطانيا فحشدت قواتها عاقدة العزم على الدخول في مواجهة مسلحة مع قوات الشيخ قادر، وقد نجح الأتراك بالفعل في احتلال بعض المدن الكردية مثل كوي سنجق وهددوا مدينة عقرة واندفعوا في اتجاه العمادية.
هنا فكرت بريطانيا في الاستعانة بعدوها اللدود البرزنجي ليقف أمام المد التركي الجديد، فأعادته من منفاه في الهند إلى السليمانية مرة أخرى عام 1922 وعينته رئيسا للمجلس المحلي المنتخب ثم حاكما عاما، وبدأ الشيخ البرزنجي ينظم قواته ويوسع نفوذه في لواء السليمانية ويتجه صوب كركوك مهددا بضمها إلى حكومته، ولم يكن هدف بريطانيا وقف المد التركي فقط بل أرادت أيضا أن تضغط على حكومة الملك فيصل لكي توقع على المعاهدة "العراقية البريطانية الأولى" والتي وقعتها بالفعل في أكتوبر/تشرين الأول عام 1922.
في تلك الأثناء بدأ الشيخ البرزنجي يستشعر أن بريطانيا في طريقها للاستغناء عنه بعد أن أدى ما عليه ولم تعد بحاجة إليه، فبادر بإعلان نفسه ملكا على كردستان في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1922 وبالفعل صدق حدسه وأرسلت بريطانيا إلى السليمانية حملة عسكرية لنزع سلطاته بعد بضعة شهور .
وعلى إثر خلو معاهدة لوزان في يوليو/تموز 1923 من أية إشارة لمنح الكرد حق تقرير المصير الواردة في معاهدة سيفر وفي محاولة من بريطانيا لطمأنة هواجس الكرد أوعزت إلى الحكومة العراقية لإصدار بيان تعترف فيه بحق الكرد القاطنين ضمن حدود العراق في تأسيس حكومة كردية غير أن الكرد رأوا أن بريطانيا غير جادة في طلبها هذا وغير جادة كذلك في ضغطها على الحكومة العراقية بل إن الحكومة العراقية كما رأى الكرد غير جادة في منح الكرد حكما ذاتيا في مناطقهم فلم يهتموا بالبيان الذي صدر في هذا الصدد، ورتبوا أنفسهم على العودة مرة أخرى إلى العمل المسلح.
حرب عصابات ضد حكومة بغداد
في ذلك الوقت سيرت الحكومة المركزية في بغداد حشدا عسكريا للقضاء على حكم البرزنجي، وتمكن الجيش العراقي بالفعل من احتلال السليمانية في 19 يوليو/تموز عام 1924 بيد أن البرزنجي أجبره على التخلي عن المدينة فأعادت حكومة العراق الكرة مرة أخرى وبعثت إليه جيشا استطاع هذه المرة أن يقضي على نفوذ البرزنجي في السليمانية فلجأ إلى الجبال ليقوم بشن حرب عصابات منها، وعلى المستوى السياسي عينت الحكومة العراقية أحد الكرد الموالين لها متصرفا للواء السليمانية يتلقى أوامره من الحكومة المركزية في بغداد فاستتب له الأمن إلى حين.
واستمر البرزنجي في عمله المسلح ضد الحكومة العراقية حتى أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1926 حينما عقد اتفاقا معها يقضي بأن يغادر هو وأسرته العراق إلى إيران وأن يمتنع عن التدخل في الشؤون السياسية مقابل رد أملاكه إليه.
بقي البرزنجي أربعة أعوام في إيران إلى أن حل صيف عام 1930 الذي نظمت فيه الحكومة العراقية انتخابات في المناطق الكردية رفضها الكرد فوقعت اشتباكات مسلحة بين المتظاهرين وقوات من الشرطة العراقية قتل على إثرها أكثر من 45 كرديا وجرح حوالي 200 آخرين، فرأى البرزنجي أن الأجواء السياسية والأمنية باتت مهيئة لعودته من إيران وقيادته للعمل المسلح من جديد.
وصل البرزنجي إلى السليمانية وأعلن عن مجموعة من المطالب ليعود الهدوء مرة أخرى إلى السليمانية. من هذه المطالب ترك الحكومة العراقية جميع مناطق كردستان ما بين خانقيين وزاخو، وتولي حكومة كردية تكون تابعة للانتداب البريطاني إدارة شؤون هذه المناطق ريثما تصدر عصبة الأمم قرارها الأخير في شأن الاستقلال العراقي.
نهاية حركة البرزنجي
لم تعجب هذه المطالب الحكومة العراقية فوجهت حملة عسكرية للقضاء على الثورة الكردية المسلحة واستمر القتال بينها وبين قوات الشيخ البرزنجي حتى مارس 1931، في هذا العام استطاعت القوات العراقية الانتصار على قوات البرزنجي فانتهت ثورته وسلم نفسه للحكومة في 13 مايو/أيار 1931 وفرضت عليه الإقامة الجبرية في المناطق الجنوبية من العراق، وظل مقيما بها حتى نشوب ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941.
في ذلك العام عاد الشيخ البرزنجي إلى السليمانية هاربا من قيود النفي أو بموافقة حكومة الكيلاني وهدد مرة أخرى برفع السلاح ما لم يسمح له بالعيش في مدينته إلى أن استقر فيها بالفعل حتى توفي عام 1956 إثر مرض ألم به.
الشيخ سعيد عام 1925م:
ثورة الشيخ سعيد بيران هي إحدى الثورات الكبيرة الكوردية في القرن العشرين.
بعد إبرام معاهدة “لوزان” أنكر مصطفى كمال الوجود الكردي والوجود الكردستاني. وفي عام 1922م أعلن عن تأسيس الحركة التحررية برئاسة خالد بك جبري والبرلماني عن بدليس يوسف زيا، وكمال فوزي والشيخ سعيد وكانت الغاية من تأسيس هذه الحركة هي تحرير كوردستان واستقلالها. ولكن “مصطفى كمال” بمكره وخداعه اعتقل رئيس الحركة “خالد بك جبري” ورفيقيه “يوسف زيا” و”حاجي موسى بك” ثم أرسلهم إلى “بدليس” وأعدمهم هناك. وبعد ذلك يقود الشيخ سعيد هذه الحركة. ثم ان الشيخ سعيد ورفاقه خرجوا من “هين” وذهبوا إلى “بيران”… في قرية “بيران” التابعة لـ “أكيل” في منطقة “كنج أرخاني” وفي /13/ الثالث عشر من شهر شباط عام 1925م سُمع صوت إطلاق السلاح أول رصاصة كانت إيذاناً بانتفاضة كبيرة من الانتفاضات الكوردية التاريخية. وهذه الانتفاضة التي قادها الشيخ سعيد ودخلت التاريخ جرت كالتالي:
في الثامن من شهر شباط عام 1925م قُتل بعض الجنود الأتراك على يد مقاتلي الشيخ سعيد، فهاجم الأتراك قوات الشيخ سعيد، ولهذا بدأت ثورة الشيخ سعيد فجأة قبل أوانها. وبعد هذه الشرارة الأولى انتشرت الانتفاضة على نطاق واسع، عمت مناطق “بيران” و “هين” و “لجي”.
وفي الرابع عشر من شهر شباط اقتحم الثوار بلدية “داراهين” الواقعة في نواحي مدينة “كنج” فأسروا الوالي وبعض المسؤلين الكبار. وفي مدة وجيزة استولى الشيخ سعيد والثوار على “مادن” و “كنج” و”سيورك” و”أرخاني” ثم سار متقدماً نحو “دياربكر-آمد”. ثم استولى على “وارتو” وتوجه إلى “موش” وفي 21 الحادي والعشرين من شباط أعلنت الحكومة الحكم العسكري في المدن الكردية. إلا أن الوحدات العسكرية تقهقرت أمام الثوار في /23/ الثالث والعشرين من شباط إلى “دياربكر-آمد”. وفي اليوم التالي وقعت مدينة “ألْ عزيز” في يد الثوار الأكراد. كانت انقرا قد قلقت جراء هذه الأنباء التي تسمعها عن الانتفاضة فاضطر مصطفى كمال في بداية شهر آذار إلى التقدم بطلب استقالة رئيس الوزراء، فتحي أوكيار. وبعد أن تغيرت الحكومة سلمت مهمة رئيس الوزراء في /3/الثالث من آذار إلى عصمت باشا “إينونو” وفي /4/ الرابع من شهر آذار وافق البرلمانيون بأكثرية الأصوات على صدور “الأحكام العرفية” تحت اسم قانون استثناء “تقرير سكون” وفي اليوم نفسه أصبح هذا القانون نافذاً في البلاد.
في السابع /7/من شهر آذار أحاطت قوات من قوات الشيخ سعيد بمدينة “آمد-دياربكر” فوقعت معركة كبيرة بين القوات الكوردية والجيش التركي. و دون أن يتمكن الأتراك من السيطرة على المدينة واحتلالها تراجعوا إلى الوراء. واستطاعوا استجرار بعض العشائر الكوردية إلى جانبهم وضم أفرادها إلى الجيش. وبدعم من الانكليز جاءهم مدد عسكري عن طريق القطار على الخطوط الحديدية- خط ماردين – زجوه في صفوف القوات لمهاجمة “دياربكر- آمد”. فاندحرت القوات التركية في “دياربكر”. وبعد أن حشد الأتراك جنودها في المنطقة “منطقة الانتفاضة”. بدأت الوحدات المقاتلة هجومها في /26/السادس عشر من شهر آذار جواً وأرضاً. فصارت المبادرة بيد القوات التركية. فلم يجد الشيخ سعيد بداً من الترك بقواته إلى الشمال الشرقي كانت القيادة التركية تراقب تحرك الشيخ سعيد عن طريق أحد الجواسيس فنصبت له كميناً حيث أعتقل في /27/السابع والعشرين من شهر نيسان قريباً من مدينة “موش”. ثم جيء به مع رفاقه إلى “آمد-دياربكر”. وفي /30/ الثلاثين من شهر حزيران عام 1925م أعُدم قائد الثورة الشيخ سعيد البيراني مع /48/ثمانية وأربعين شخصاً من رفاقه.
يقول البنديت نهرو في إحدى رسائله إلى كريمته انديرا:
“وفي عام 1925 قامت ثورة كبيرة في الرقعة الكوردية من تركيا، وكان ذلك أيام الاحتكاك الناشب بين بريطانيا وتركيا حول منطقة الموصل التي كانت قسماً من المنطقة التركية الكوردية والتي قامت فيها الثورة. فاستنتج الأتراك أن الأصابع البريطانية هي التي حركت العناصر الدينية المتطرفة ضد إصلاحات مصطفى كمال ومع أنه يصعب الحكم عما إذا كان البريطانيون المحرضين، غير أنه من المؤكد أن بريطانيا قابلت ثورة الكورد في تركيا بالارتياح. وواضح أيضاً ان النزعة الدينية كان لها أثر في هذه الحركة كما كان للقومية الكوردية سهم آخر، وربما كان السهم الأوفر.
وقام مصطفى يعلن أن بريطانيا هي المحركة للأكراد، مما جعل المجلس الوطني يسن قانوناً يلحق الخيانة العظمى بكل من يستخدم الدين كوسيلة لإثارة الشعور الشعبي سواء بالكلام أو بالنشر، ويوقعه تحت طائلة العقوبة القصوى. وحرم أيضاً تعليم المبادئ الدينية التي تناقض الولاء للجمهورية في المساجد وقضى كمال باشا بعد ذلك على الكورد بلا رحمة، وأقام محاكم “الاستقلال” الخاصة لمحاكمتهم بالألوف وأعدم الزعيمان الكرديان الشيخ سعيد والدكتور فؤاد وغيرهما الذين ماتوا وأمنية استقلال كوردستان لا تفارقهم.
وهكذا نرى أن الأتراك الذين حاربوا مؤخراً للحصول على حريتهم سحقوا الكورد لمطالبتهم بحريتهم فما أغرب تحول القومية من دفاع عن الوطن إلى هجوم لسلب حرية الغير. وفي عام 1929م ثار الكورد ثانية، ولكن ثورتهم سحقت ولو إلى حين، اذ كيف يمكن ان تخمد إلى الأبد ثورة قوم يكافحون من أجل الحرية وهم مستعدون لدفع الثمن”.
1932ـ 1934 انتفاضة البارزانيين بقيادة أحمد البارزاني ضد إنكليزوقع أول صدام جدي بين العائلة البارزانية والحكومة العراقية حينما حاولت الأخيرة نشر مخافر للشرطة في منطقة بارزان فمنعها الشيخ أحمد، واندلعت المصادمات الدامية بين أتباعه وقوات الشرطة والجيش في نوفمبر/ تشرين الثاني 1932.
في هذه الأثناء أعادت بريطانيا حساباتها وغيرت مواقفها فوقفت إلى جانب الحكومة العراقية في حربها ضد الشيخ أحمد، بل إنها شاركت ضد تمرده بطائراتها فقصفت القرى في منطقة بارزان وقتلت أكثر من ألف وثلاثمائة.
استطاعت القوات الحكومية المدعومة من بريطانيا هزيمة قوات الشيخ أحمد وأجبرته على الهرب إلى الحدود التركية وسلم نفسه إلى قوات حرس الحدود التركية هناك،
1937ـ 1938 انتفاضة فيديرسم بقيادة سيد رضا
مَنْ هو الشيخ سيد رضا؟ الشيخ سيد رضا من درسيم (الباب الفضي) في شمال كُردستان, وهو من السادة القزلباش العلويين (غلاة العصوف) ويلتقي مذهبياً مع أهل الحق في شرق كُردستان (مدينة كرمشان أو كرميسين بالكردية) يتمتع سيد رضا بنفوذ ديني قوي بين أتباعه وكذلك الزعامة الدنيوية وهذا يبدو من خلال تعريف الكاتب والمؤرخ الكُردي (أحمد شريفي) به, ويظهر نفوذه هذا من خلال تأثيره القوي في المنطقة وتعاون القبائل الكُردية والمجاورين له في ثورته ضد الظلم والطغيان ونظراً للدور الذي لعبه سيد رضا في الحركة التحررية الكُردية في أرجاء كُردستان.
ثورة الشيخ سيد رضا ضد أتاتورك والعنصرية التركية:
كُردستان أو موطن الكُرد تقع ضمن الجناح الشرقي للإمبراطورية العثمانية, وهذا الجزء كان ومازال منذ أقدم العصور موطن الكُرد الذي يرتبطون بعلاقة قومية ودينية مع الشعوب المجاورة, والكُرد بدون شك أقدم الشعوب في المنطقة, ومعروف أن غالبية الكُرد العظمى ممن يسكنون الإمبراطورية العثمانية مسلمون سنة إلى جانب أقلية علوية, ولدى انهيار الامبراطورية العثمانية وقيام الجمهورية التركية (الأتاتوركية) حاول الأتاتوركيون لتثبيت أسسها ونشر فلسفتها القومية القائمة على العنصرية, مغازلة الكُرد واستمالتهم كما فعلوا مع الأقليات القومية والمذهبية الأخرى, وما إن ثبتوا خطاهم بدأوا يتراجعون وأثاروا الفتن بين الشعوب لغرض اضعافها وضربها ببعضها مثل الفتنة التي أثاروها بين الكُرد والأرمن ولكن معرفة الطرفين بنوايا الأتاتوركية أفشلت هذه الخطط الخبيثة, وعندها لجأ أتاتورك إلى استخدام الضغط والقوة بادعائه السير نحو المدنية وتطبيق القانون والنظام ، وغيّر الكتابة في تركيا بإستعمال الأحرف اللاتينية بقصد قطع العلاقات بين الشعوب القاطنة في تركيا وما جاورها, لكن هذا قوبل بالرفض القوي من المجموعات الدينية والقومية بقيادة المتنورين من رجال الدين, مثل ثورة الشيخ سعيد بيران وحركة الشيخ فخري وانتفاضة الشيخ محمد صديق والشيخ سعيد النورسي (بديع الزمان) ثم ثورة الشيخ سيد رضا وكلهم كُرد, وعندما ثبت أتاتورك قدميه ونفذ مشاريع العنصرية بإنكاره وجود قوميات غير التركية وهضم الحقوق المشروعة ضمن جمهوريته للشعوب غير التركية ومحاولته اخماد ثورة سيد رضا وتغيير اسم درسيم إلى (تونجي), عندها أبلغ الزعيم الديني والقومي الكُردي سيد رضا الجنرال التركي ( ألب دوكان) برسالة لوم وعتاب ضد إرهاب الجيش التركي ، لكن الجنرال (دوكان) لم يكترث بالأمر وكردٍ عليه أعلن سيد رضا الانفصال والوقوف ضد الجيش التركي بالتحالف مع قبائل الزازا الكُردية, عندها رد الجيش التركي بمنتهى الوحشية وحرق الحقول والمزارع والمنازل وحتى الكهوف والمغاور في أحضان الجبال وقد أورد لنا المرحوم زنار سلوبي (قدري جميل باشا) الذي كان مشتركاً في هذه الإنتفاضة من خلال كتابه (القضية الكُردية) يقول: (لجأ كثير من النساء والأطفال والشيوخ إلى كهف /كوتوز يكداغ/ في وادي /ئيسكور/ خوفاً من الجيش التركي إلا أنهم اكتشفوا موقعهم فأحوقوا الجميع في الكهف, واتهم أتاتورك سيد رضا وانتفاضته بالتوحش والتمدد ضد المدنية, وبوجود علاقة له مع روسيا لصرف نظر الغرب عما يجري في بلاده).
وصل اسماعيل حقي بك لنجدة سيد رضا وجمع قواته مع القائد (علي شير) وأُرسِلَ الدكتور محمد نوري ديرسمي في عام (1937م.) إلى سورية للتعريف بالحركة وابلاغ صوتها إلى العالم كله وذهب الدكتور درسيمي برفقة الدكتور كامران بدرخان إلى مصر لايصال صوت الثورة وحوادثها إلى مصر والعالم ولدى علم أتاتورك بذلك خصص مبلغ (4000) ليرة ذهبية جائزة لمن يقتل الدكتور درسيمي, ولكن محاولة الدكتور لم تنجح بسبب الضخ الإعلامي التركي الكبير, فأرسل سيد رضا ابنه (برا برايم) إلى الجنرال (دوكان) الذي قابله بمنتهى التوحش وأمره بالاستسلام وطالبه بـ (8000) قطعة سلاح وبعضهم يقول بل (80000) قطعة, ولكن الشيخ سيد رضا أبى, فبدأ الجنرال أشرس حملة براً وجواً وبلا رحمة ولكن دون التمكن من الثورة والثوار, وعندها لجأ الأتراك إلى المكائد بغية الإيقاع بالثورة ورجالاتها, فعندما أرسل سيد رضا القائد (علي شير) إلى الخارج لتدبير بعض الأمور التي تتعلق بالثورة ومتطلباتها, لكنه قتل علي يد (ريبر) ابن أخ قائد الثورة سيد رضا مع زوجته التي كانت ترافقه بدسيسة تركية وقطع رأسيهما وأرسلهما إلى الأتراك لإثبات ولائهم التام لهم والجدير ذكره أن (ريبر) هذا كان سبباً للقبض على عمه سيد رضا وإعدامه وهذا يذكرنا بخيانة (قاسو) للشهيد الشيخ سعيد وصوفي (عبد الله) للشيخ الشهيد (عبد السلام البارزاني) الذي استشهد عام (1914م), ومن جهة أخرى تم اغتيال الشهيد شاهين آغا زعيم قبيلة بختياري بيد العميل الخائن (خضر), ورغم كل هذا كان سيد رضا صلباً لا تلين له إرادة وواصل ثورته بكل جدية واخلاص وبحلول الشتاء والبرد الشديد شن الشيخ وثواره هجوماً كاسحاً على الجيش التركي وأصابه بخسائر فادحة, وعندها أُجبر الجنرال دوكان إلى التنازل والقبول بالمفاوضات, فذهب قائد الثورة سيد رضا بحسن النية والأخلاقية العالية مع مجموعة من قيادييه إلى مدينة (أزربيجان) ولدى وصولهم إلى المدينة يوم 5/أيلول 1937م, خان الجنرال الشيخ وألقى القبض عليه مع مرافقيه وأرسلو إلى مدينة آلعزيز وفي 10/11/1937م, بدأت محاكمته صورياً وبحضور أتاتورك نفسه, وبعد (71) جلسة محاكمة تم إعدام الشيخ سيد رضا و (27) من أعوانه, وحُكمَ بالسجن المؤبد على (27) آخرين, لذا اعتبر يوم 28/11/1937م يوم حداد على الثورة الدرسيمية حيث سيد رضا وقادته وفي اللحظات الأخيرة وعلى المنصة حيث حبل المشنقة نادى الشيخ سيد رضا بأعلى صوته في هدوء الليل الحالك هازاً الضمير الإنساني: (أنا ابن كربلاء الأشم لن يرهبني الموت وأقسم بالله العظيم لن تمر جرائمكم بدون عقاب فلتخسأوا أيها الجلادون).
ماذا قالوا في الثورة وقائدها: يذكر الدكتور محمد نوري درسيمي حول ذكرى إعدام سيد رضا قائلاً: عندما صعد المشنقة ونادى بالكُردية الكُرمانجية قائلاً: (أنا ابن 75 عاماً أقتل بل استشهد) ويضيف الدكتور درسيمي في ذكرياته قائلاً: بعد كل ما قال خطا إلى الأمام بهدوء نحو حبل المشنقة وأمسكه بيديه ليربطه بعنقه للاستشهاد في سبيل الحق دون خوف أو وجل.
– وفي مقابلة صحفية للفاشي (عصمت النيونو) يصف الثورة الكُردية هذه قائلاً: لن نواجه المشاكل في درسيم بعد الآن, تمكنا من اكتساح المنطقة وانتهى العصيان وقطاع الطرق.
– أما جلال بيار في اجتماع برلماني تركي في 20/7/1938م فيصف الثورة قائلاً: أحد أهم مشاكلنا في المرحلة مسائل درسيم ويجب علينا اثبات قوتنا النظامية والإستراتيجية.
– ويكتب يونس نادي مراسل صحيفة (نافوده كلمي) التركية في حزيران (1938م) قائلاً: نعم في الحقيقة أن درسيم وأهالي درسيم لن يتخاذلوا ولن يستسلموا لأتاتورك لذا تشبث بحكومتي ايران والعراق لإغلاق الحدود لإنهاء مشاكل درسيم وفي نفس الوقت بدأ الشيخ (سعيد النورسي) في ديار بكر انتفاضة ضد أتاتورك وأفكاره العنصرية.
– البروفسور د. جليل جليلي المؤرخ الكُردي الكبير المعروف ورئيس القسم الكُردي في أكاديمية الشرق الأوسط في (سان بطرس بورغ) يصف ثورة الشيخ سيد رضا قائلاً: (إن العقيدة والدين في حياة المجتمع الكُردي لهما دور بارز لذا فإن الأتراك استغلوا هذه الحالة, ولكن كثيراً ما انتفض رجال الدين أيضاً ضد الظلم والطغيان وخير مثال على ذلك الحركة المسلحة الكُردية في جبال درسيم).
– ولتشويه الثورة وقائدها ادعى الكماليون: إن السيد رضا لم يكن من نسل الرسول صاى الله عليه وسلم بل ربما تربى في كنيسة ما أو أنه أحد أصدقاء الشيطان, ورغم أن كُرد درسيم ومنهم سيد رضا من المسلمين العلويين لازال دوي صوته المنادي يرن في آذان كُرد درسيم والعالم (أنا ابن كربلاء الأشم لا يرهبني الموت بالإعدام).
1943ـ 1945 ثورة برزان في كردستان العراق بقيادة مصطفى البارزاني
ثورة بارزان الثانية أو حركة بارزان الثانية هي ثورة قادها الملا مصطفى البارزاني ضد الحكومة العراقية في عام 1943 للحصول على حكم ذاتي للأكراد وكانت قد سبقتها حركة بارزان الأولى 1931-1932 و حركات محمود البرزنجي في السليمانية بين عامي 1919 و1931 ولقد أستمرت الثورة التي قادها مصطفى البارزاني حتى عام 1945 فعندها قررت الحكومة العراقية في بغداد القضاء عليها، ووقعت اشتباكات مسلحة مابين الطرفين مابين شهر آب/أغسطس لغاية شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه حيث إستطاعت القوات العراقية من إلحاق الهزيمة بالقوات الكردية وتمكنت قوات الجيش العراقي من دخول قرية بارزان وطاردت المسلحين الأكراد إلى قرية كاني رش القريبة من الحدود التركية.تبعت هذه العمليات حركة بارزان الثالثة و حركة بارزان الرابعة في نهاية عام1947.
البارزاني:
هو مصطفى ابن محمد ابن عبدالسلام و لقب في شبابه ب (الملا مصطفى البارزاني) لدراسته وتعلمه العلوم الدينية على أيدي علماء عصره حينما كان في ريعان شبابه في قصبة بارزان و السليمانية إلا أنه وفيما بعد ذاع صيته فاشتهر ب (البارزاني) اَختصارا .
ولد مصطفى يوم 14/3/1903 في قصبة بارزان الواقعة على سفح جبل شيرين الشامخ و الذى تحول منذُ بداية القرن العشرين و لحد ألان إلى قلعة حصينة للكلوردايتى .
* طفولته ورعايته:.
توفي والده عام 1903 فتولى رعايته وتربيته أولا شقيقه الشيخ عبدالسلام البارزاني من عام (1903- 1914 ) و ثانيا شقيقه الشيخ أحمد البارزاني من عام( 1914 – 1930) حيث بعدها عاد الملا مصطفى البارزاني شابا قادرا على الاعتماد على نفسه و على قيادة و توجيه الآخرين .
من هو الشيخ عبدا لسلام البارزاني ؟؟ .
هو الشقيق الأكبر للبارزاني مصطفى الذي تولى زعامة مشيخة بارزان بعد و فاة والده محمد عام 1903 الذي خلف وراءه خمسة ابناء هم .
1. عبدالسلام 2. احمد 3. محمد صديق 4. بابو محمد
5. مصطفى وهو الذي عرف فيما بعد بالملا مصطفى البارزاني .
البارزاني والطفل الأسير:.
من الطريف بل والظريف أيضا إن الطفل مصطفى إي (الملا مصطفى البارزاني) وقع مع والدته البطلة وآخرين من الناس العزل في بارزان أسرى بأيدي الأعداء في إحدى المعارك الخالدة التي
وقعت عام 1906 و كان عمره آنذاك (3 سنوات) فأودعوهم جميعا في سجن الموصل و بعد ذلك اُطلق سراحهم بضغط من الشيخ عبدالسلام.
الشيخ احمد و رعايته للطفل مصطفى :.
بعد استشهاد عبدا لسلام تولى شقيقه الشيخ احمد البارزاني زعامة بارزان فتولى رعاية أشقائه ومن بينهم الطفل مصطفى ، و قد سار الشيخ احمد على نهج شقيقه الراحل عبدالسلام ولم يحد قيد شعره عنه فقد حافظ أولا على كل إصلاحاته الاجتماعية و بذلك حافظ على وحدة وتماسك أبناء عشائر بارزان و ثانيا استمر أيضا في مقارعة الأعداء وسانده ثورة شعب كوردستان و زعمائهم الابطال في إرجاء كوردستان والمطالبة بحقوق الكورد . في هذا المجال نذكر :
1. أرسل الشيخ احمد شقيقه الملا مصطفى البارزاني إلى كوردستان تركيا فالتقى بزعماء الكورد هناك أمثال عبدالقادر النهري و الشيخ سعيد بيران وذلك خلال الفترة من 1917 – 1919 فتشاوَر معهم في شؤون ثورة الشعب الكوردي .
2. كذلك أرسل الشيخ احمد شقيقه الشاب الملا مصطفى البارزاني على رأس قوة إلى مدينة السليمانية مدينة التضحية والفداء والكوردايتي و ذلك عام 1919 لتمد ثورة الشيخ محمود الحفيد إلا ان القوة وصلت هنالك بعدما أخمدت الثورة من قبل الأعداء .
3. لم يَرق للانكليز و لحكومة العراق الملكية النهج القومي الوطني الذي سار عليه الشيخ احمد فوجهوا قواتهم للقضاء على نفوذه فاندلعت انتفاضة بارزان عام (1931 – 1932) و وقعت عدة معارك شرسة بين الطرفين غير المتكافئين عدة و عتادا و رجالا تكبد فيها العدو خسائر فادحة فى هذه المعارك الخالدة منها (دولاظاذى) حيت ابلي فيها الثوار بلاءً حسنا بقيادة القائد الشاب الملا مصطفى البارزاني فذاعت شهرته كقائد و مقاتل جسور و لقى كل التشجيع من لدن الشيخ احمد ,هكذا (بعد إن ولد مصطفى البارزاني) في بارزان ونشأ و ترعرع في أحضان اُسرة كوردية دينية قيادية وطنية مناضلة قارعت الظلم والاستبداد و أصبح شابا مليئا بالحيوية و الرجولة والفطنة مدركا تمام الإدراك ما يعانيه شعب كوردستان من الظلم و الجور على يد الغزاة و الطغاة .
دخل البارزانى ساحة الشرف والنضال والكوردايتى شاهرا سيفه بوجه الأعداء و بدأ يشق طريقه في ما بعد في الحياة العملية و السياسية بنجاح باهر وهو يدافع بأمان و تفان عن حياض الوطن ذاع صيته ليس في كوردستان العراق فحسب بل في إرجاء العالم .
اِندلاع ثورة بارزان 1943.
أدرك البارزاني بان العدو لايعرف سوى منطق القوة لذا لابد من توجيه ضربة له وتلقنه درسا بليغا ليفيء من غيه و يعود لرشده فقرر احتلال كافة المخافر الحكومية في المنطقة فاندلعت ثورة بارزان 1943 وحاولت الحكومة و بكل ما اُوتيت من قوة للقضاء على البارزاني و ثورة بارزان فوقعت عدة معارك ضارية بين الطرفين غير المتكافئين منها معارك (خيرزوك و مه زنة) حقق فيها الثوار انتصار تلو الانتصار فارتفعت معنوياتهم و قد طلب القائد العسكري من البارزاني الثائِر موافقة نقل جثث قتلاه فوافق على ذلك و حقنا للدماء وحل المشكلة القائمة سلميا بعث سيادته برسالة الى الحكومة عرض من خلالها الحوار والتفاهم لابد هنا أن نذكر بان حزب هيوا الكوردي لعب دورا هاما في دعم ثورة بارزان من خلال المناشير التي وزعها مناضلوه في بغداد وبقية المدن العراقية أيد الحزب فيها الثورة و ندد بسياسة الحكومة العراقية الملكية العميلة تجاه الشعب الكوردي .
اِخماد ثورة بارزان :.
أخيرا أخمدت انتفاضة بارزان وتمكن العدو أيضا بالغدر من حجز الشيخ أحمد و إخوته وآخرين و نفيهم إلى بغداد فالديوانية فالتون كوبري فكفري فالسليمانية و ظلوا هناك تحت المراقبة حتى عام 1943 حيث تمكن الملا مصطفى البارزاني من الرحيل الى السليمانية بمساعدة حزب هيوا في يوم 12/7/1943 فتوجه نحو كوردستان ايران بزي رجل ديني .
المكافأة الثمينة:
حينما علمت الحكومة العراقية بهروب البارزاني من السليمانية خصصت جائزة ثمينة مقدارها (50,000) خمسين ألف دينار لمن يلقي القبض عليه ويقدمه حيا أو ميتا للحكومة العراقية ومن الظريف في هذه الإثناء وصل البارزاني إلى كورستان إيران و كان ضيفا عند المدعو (مامند آغا) وجالسا في الديوان و حين جاء احد الاشخاص و لم يعرف شخص البارزاني فطلب مــــــــــــــــن ( مامند أغا ) أن لا تفوته فرصة ألقاء القبض على البارزاني لنيل الجائزة فغضب (مامند) ورد عليه قائلا (اِنه لعار على من يفكر بهذا النطق المغزي واِن الذي يلقي القبض عل البارزاني لم تلده أمه بعد) .
العودة إلى بارازان:
قرر الملا مصطفى البارزاني العودة إلى الوطن ومعه البارزانيون المشردون حيث شجعه (مامند آغا) على ذلك و تكفل إعالة عوائلهم كما أهدى بندقية برنو وكانت حين ذاك هدية غالية وصل البارزني و رفاقه منطقة بارزان فرحب بهم الأهالي ونشرالخبرالساركالبرق حيث كانوا مشتاقين لرؤية القائد بعد غيبه طويلة و في الحال بعث سيادته برسالة إلى الحكومة العراقية حذرها من مغبة القيام بأي عمل ضد السكان العزل فقامت السلطة بتعزيز مخافرها في المنطقة أولا ونقل البارزانيين إلى السليمانية و الى جنوب العراق ثانيا .
جولته في المنطقة:.
قام البارزاني بجولة تفقدية في معضم قرى المنطقة و عقد ندوة في كل قرية فالتفت حوله آلاف الشباب معلنين الولاء المطلق له ولنهجه القومي فشكل منهم جيشا لا بأس به مطالبا قواته طاعة المسؤول والالتزام بالاوامر الصادرة من القيادة و معاملة الأسرى معاملة حسنة و عدم الاستحواذ على أموال الناس بالقوة ....الخ .
بعد ذلك بعث برسالة إلى الحكومة العراقية تضمنت اِستعداده التام للحوار والتفاهم معها ولكن انكشف له فيما بعد نواياها الخبيثة .
المفـــــــــاوضـــــــــ ات
وافقت الحكومة العراقية على إجراء المفواضات مع القائد الثائرالملا مصطفى البارزاني وأُرسلت فعلا و فداً برئاسة المدعو ماجد مصطفى الوزير الكوردي في بغداد والتقى بالبارزاني و جرى حوار طويل بين الجانبين خلالها قدم البارزاني مطاليب الشعب الكوردي إلى الحكومة منها .
1. تشكيل ولاية كوردستان تضم كركوك و سليمانية و اربيل و أقضية خانقين و مندلي من محافظة ديالى و أقضية دهوك و زاخو و عمادية وسنجار و شيخان و عقرة من الموصل و يقوم وزير كوردي بإدارة شؤونها .
2. تعيين معاون وزير لكل وزارة عراقية .
3. اعتبار اللغة الكوردية لغة رسمية في الولاية .
4. فتح المدارس والمستشفيات و محاسبة الموظفين المقصرين .... الخ .
5. و بعد عودة ماجد مصطفى إلى بغداد عرض المطاليب المذكورة على الحكومة و فعلا أقدمت السلطة على خطوات ايجابية تبشر بالخير منها السماح للشيخ احمد و رفاقه بالعودة الى برزان يوم 12/12/1944 و فتح المخافر و إصدار عفو عام .......الخ .
البـــــارزاني يعـــود إلى بغـــداد:
في يوم 22/2/1944 زار البارزانى الخالد العاصمة بغداد بتعزيز الثقة بين الطرفين و التوقيع على ما تم الاتفاق عليه مع (ماجد مصطفى) ممثل الحكومة في المفاوضات السابقة فالتقى بالوصي (نوري سعيد) الشخصية السياسية المعروفة الحكومة العراقية الملكية و قد تعهدت الحكومة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه و خلال هذه الفترة أصبحت بارزان مركز إشعاع للحركة التحررية الكوردية .
(( تـــراجع الحكـــومة عن وعـودهــــا ))
بعد فترة و جيزة تراجعت الحكومة الملكية عن و عودها و تنصلت عن تطبيق الاتفاقية المذكورة آنفا وأدارت لها ظهر المحن و بدأت تستعد علنا لشن هجوم غادر على بارزان .
(( جـــولات البــــارزانــــي ))
حاول البارزاني أن يكسب ود وتعاطف رؤساء العشائر الكوردية قبل اِقدام الحكومة على شن الهجوم على بارزان و فعلا زار والتقى بمعظم رؤساء العشائر و حصل على وعود منهم بالتكاتف والتضامن مع ثورة بارزان وفي هذه الإثناء بذل البارزاني جهوده لتحاشي الاصتطدامات بقوات الحكومة العراقية .
في 15/1/1945 و بعد مداولات ومناقشات جرت بين البارزاني و الشيخ أحمد والضباط المتواجدين في بارزان تقرر تشكيل (لجنة الحرية) برئاسة البارزاني ويتضمن منهاجها عدة أمور مهمة تخص القضية الكوردية والحركة التحررية الكوردية و منها تشكيل فصائل مسلحة للدفاع من كوردستان وإيصال صوت الشعب الكوردى إلى الرأي العام العالمي والعراقي وفضح سياسة الحكومة المعادية للكورد وإنقاذ الكورد من الظلم .....الخ . وقد لقيت هذه الخطوة السياسية والوطنية كل التأييد ولاسيما من قبل الطلاب والشباب الكورد , قررت الحكومة العراقية شن الحرب على بارزان العطاء والنضال والصمود والشموخ فاندلعت ثورة بارزان عام (1945) بقيادة ابن الشعب الكوردي البار مصطفى البارزاني وقد وقعت معارك شرسة منها معركة ميدان موريك وأخيرا والمقتضيات مصلحة الثورة والمنطقة قرر البارزاني الثائر الانسحاب إلى كوردستان ايران وفي يوم 11/10/1945 وصل مع قواته هنالك وبذلك انتهت ثورة بارزان عام 1945 .
(( مقولة البارزاني الخالد ))
أنا لست برئيس لأحد ولا أريد أن أكون رئيسا لأحد ولكن ابغي أن أكون أخا لكم أخدمكم وان تكونوا إخوانا و ظهيرا لي ونكون سويا أبناء لهذا الشعب و نخدمه .
البارزاني ورفاقه في خدمة جمهورية كوردستان مهاباد: .
في 22/1/1946 أعلن عن قيام أول جمهورية كوردية في التاريخ في مها باد برئاسة الشهيد الخالد قاضي محمد و طلب من المناضل مصطفى البارزاني أن يحضر حفل تأسيسها فحضرها واتفق مع القاضي محمد ان ياخد البارزاني ورفاقه دورهم الفعال للدفاع عن هذا الوليد الكوردي العزيز وفي آدار عام 1946 استدعى كل البارزانيين المتواجدين في ايران ممن يستطيعون حمل السلاح من الرجال الى مهاباد للدفاع عن هذا الكيان الكوردي العظيم وتم تنظيم ثلات أفواج عسكرية من هؤلاء الكورد الإبطال ,بالإضافة إلى قوة بارزان البطلة هذه فقد أضوت تحت علم جمهورية كوردستان الفتية ايضا معظم أبناء العشائر الكوردية في إيران ولعب البارزاني وقواته دورا فعالا مشهودا في الدفاع عن هذه الجمهورية حين تقدمت القوات الايرانية لسحقها وقد سقط منهم شهداء وأبرار قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الدفاع عن هذا الكيان القومي .
تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) :.
بعد قيام إنتفاضة بارزان عام 1931 ومن ثم ثورة بارزان عام (1943-1945) بعدها تأسس (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) في كوردستان إيران أدرك كل الكورد بالأخص العاملين في مجال السياسة بضرورة تأسيس حزب طليعي في كوردستان العراق يقود شعب كوردستان العراق وبعد مداولات و مناقشات مستفيضة تم الاتفاق على تأسيس ( الحزب الديمقراطي الكوردستاني) .
وعقد المؤتمر الأول يوم 16/8/1946 في بغداد وأنتخب البطل القومي البارزانى الخالد رئيسا له كما وأُنتخب لجنته المركزية ووضع نظامه الداخلي و عرف فيما بعد ولحد ألان ((البارتي)) وهو يقود نضال شعبنا بجداره بزعامة البارزاني الخالد ومن ثم بزعامة نجله المناضل كاك مسعود البارزاني رجل السلام في كوردستان والعراق والمنطقة
الاجتماع الأخير بين الزعيمين الخالدين :.
جرى آخر إجتماع ولقاء بين المناضلين الخالدين قاضي محمد و البارزاني يوم 16/12/1946 والقوات الايرانية في هذه الإثناء مستمرة في زحفها نحو العاصمة مهاباد ، وقد اخبر القاضي محمد رفيقه الحميم مصطفى البارزاني بأنه ينوي إلقاء السلاح وأنه سوف يضحي بنفسه من اجل حقن الدماء وعدم تدمير مدينة مهاباد ، إما البارزاني فقد اخبر القاضي بأنه ينوي إقناع الحكومة العراقية بقبول عودته ورفاقه للعراق بدون قيد أو شرط و بعكسه سوف يتوجهون الى الاتحاد السوفيتي .
القاضي يسلم الراية للبارزاني :.
في اللقاء الأخير بين القاضي والبارزاني نهض القاضي من مكانه والدموع تسيل من عينيه فقبل البارزاني قبلة الأبطال والوداع واللقاء الاخير واخرج من جيبه علم جمهورية كوردستان و سلمه للبارزاني الخالد قائلا :.
هذا هو (( رمز كوردستان اُسلمه لك أمانة في عنقك لأنك في رأيي خيرٌ من يحفظه ))....
عــــودة البارزانيين للعـــــراق :
بعد سقوط جمهورية مهاباد قرر البارزاني الاتصال بالحكومة العراقية لإقناعها بعودته ورفاقه للعراق فوافقه بدون قيد وشرط فعبر الشيخ أحمد ومعه الكثير من البارزانيين الحدود و دخلوا الأراضي العراقية وكان في استقبالهم مدير الشرطة العام العراقي و بقي هنالك البارزاني ومعه مجموعة كبيرة من المقاتلين الابطال , بالنسبة إلى الشيخ أحمد ورفاقه العائدين إلى الوطن تم نفيهم إلى جنوب العراق ومن ثم أطلق سراح بعضهم والسماح لهم بالعودة إلى بارزان بين عامي 1950-1953 إما الشيخ أحمد فقد ظل في السجن حتى قيام ثورة 14/تموز الوطنية في العراق عام 1958 حيث أطلق سراحه وعاد معززا مكرما إلى بارزان .
إعدام الضـــباط الكـــــورد:
حاول البارزاني أن يقنع الضباط الكورد الملتحقين بثورة بارزان بعدم العودة إلى العراق خوفا على أرواحهم فوافق البعض وقرر آخرون الاستفادة من العفو العام إلا إن الحكومة العراقية نكثت بوعودها وأقدمت غدرا على إعدام الضباط الكورد الأربعة المدونه أسمائهم أدناه يوم 19/6/1947 وهم الشهداء الإبرار
1. عزت عبدالعزيز .
2. مصطفى خوشناو .
3. خيرالله عبدالكريم .
4. محمد محمود قدسي .
وقد أصبح يوم استشهادهم يوم الشهيد الخالد في كوردستان وقدم هؤلاء أرواحهم فداءا على طريق تحرير كوردسان .
· من كتابة النقيب زرنجت :
في 3حزيران كان جمع من البارزانيين يسيرون ليلا بين قوتين من الجيش الإيراني في شمال (قوتور) حتى البارزاني كان ماشيا على الأقدام ، وفي ذلك الوقت كان شاه إيران في مدينة أربيل وقد اصيب بالقشعريرة خوفا من البارزاني ، أصدر أمرا بشد الخناق عليهم وأن القادة المدججين بالسلاح تتعقب اثر البارزانيين في (خوي) وماكو (مادكيوم) ولكن عندما وصلوا الى نهر آراس في 18حزيران سنة1947 حينها كان البارزانيين قد اجتازوا النهر قبل يومين من وصول الجيش الإيراني وقد دخلوا الأراضي السوفيتية ، تاركين بعض من أسلحتهم واعتدتهم للجيش الإيراني ، وهذا المكان بالضبط مقابل (ساراجلو) مقر الحراسة السوفيتية، وأن البارزاني ورفاقه بعد ذلك ب (12)عام عادوا الى أرض الوطن .
جعفر باقروف:
مأدبة غداء كبرى على شرف الرئيس البارزاني وعندما تفقد البارزاني أصحابه ورفاقه ولم يجدهم ، لذلك فانه يشرب قنينة سفن آب ولم يتناول الأكل ، يترك المكان خارجا ، أما رئيس جمهورية أرمينستان يترجى البارزاني للعدول عن رأيه ، ألا ان البارزاني يتفضل قائلا (بدون أصحابي لا تنزل اللقمة من بلعومي) ، لأني وقعت في المهجر لأجل حرية الكورد و كوردستان و بدون أصحابي لا استطيع تناول الغداء ، وان (باقروف) يحمل حقدا و كرها للبارزاني لذلك قام بإبعاد البارزاني لمده ثلاث سنوات الى (قرقالياق) بالقرب من بحيرة (آرال) في جمهورية أوزبكستان ويقع تحت رحمة الحاقدين ولكن بعد وفاة ستالين ، وفي عهد (خروشوف) يستدعي البارزاني ورفاقه وتدخل الفرحة في قلوبهم ، وفي مدينة , (مسكه) يرسل عدد (225) منهم لغرض التعليم الى مدن (وروينر ، ساراتوف ، كوركى ، تامبوف ، وباشكير) وفي باكو يدخل البارزانيين لمدة (18) شهر في دورات القتال .
القــــرار الحــــاسم والمســـيرة التــــاريخـــية
دخل البارزاني ورفاقه المثلث الحدودي من كوردستان العراق وبعد أن فشلت كل مساعيه لعودته ورفاقه للعراق بدون قيد أو شرط من جانب السلطة ، جمع قواته و خطب فيهم يوم 6/5/1947 وابلغهم بقراره الحاسم باللجوء إلى الاتحاد السوفيتي و بذلك بدأه المسيرة التاريخية للبارزانيين إلى الاتحاد السوفيتي و قد بدأت القوات العراقية بقصف المنطقة من الجو فتوجه البارزاني ورفاقه نحو كوردستان إيران عبر الأراضي التركية وقد حاولت القوات التركية ملاحقتهم دون جدوى حيث دخلوا كوردستان إيران يوم 27/5/1947 فحشدت إيران قواتها لمقاتلتهم فتصدوا إلى الجيش الإيراني ببسالة و كبدوه خسائر فادحه وهم في العراق الى الاتحاد السوفيتي في يوم 16/6/1947 حصلت موافقة الاتحاد السوفيتي على السماح لهم باللجوء هناك ،فبدئوا يعبرون نهر آراس والجيش الإيراني يلاحقهم ,وفي يوم 18/6/1947 عبرت النهر آخر مجموعة و معها البارزاني ومنذ ذلك الحين أصبح اسم هذا النهر العظيم (آراس) إسما خالدا وعزيزا ومعروفا يسمى به الكورد في أرجاء كوردستان المجزأة أولادهم و مدارسهم و شوارعهم و محالهم التجارية .
(( مقــــولــــة البــــارزاني الخـــالـــد ))
للرجولة والأداء المتقن فقد نحقق آمالنا , وتلك الرجولة والقوة لا تأتي إلا باستخدام العقل المقترن بالعمل . البارزاني الخالد ورفاقه في الاتحاد السوفيتي السابق 12عاما بعد عبور البارزاني ورفاقه نهر آراس عام 1947 عاش في الاتحاد السوفيتي حتى قيام ثورة 14/تموز الوطنية في العراق عام 1958 أي ظلوا حوالي (12) اثنى عشر عاما في ضيافة هذه الدولة العظمى والقطب الثاني في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة . نقل البارزاني إلى إحدى مدن أرمينيا ورفاقه إلى معسكر محاط بالأسلاك ثم نقلوا إلى جمهورية أذربيجان السوفيتية ووزعوا الى عدة مناطق و عانى الجميع عذاب و معاناة دامت تقريبا حتى نهاية عام 1947 .
البارزاني يلتقي بالمسؤولين السوفييت :
في أيلول عام 1947 نقل البارزاني إلى العاصمة باكو وهناك حظي سيادته لمقابلة السادة المسوؤلين و على رأسهم باقروف فقدم البارزاني عدة رسائل و مذكرات للقادة السوفيت شرح فيها أسباب لجوئهم إلى هنالك مطالبا من الزعماء الروس و على رأسهم القائد المعروف (ستالين) بتقديم الدعم والمساندة للحركة التحررية الكوردية .
تطــورات لصــالح الكــــــورد في المهجر :
حصلت تطورات لصالح الحركة التحررية الكوردية في هذه الفترة فيها :
1. نقل البارزانيين إلى معسكر مرتب في باكو حيث زارهم البارزاني وشكل منهم فوجا عسكريا وبدئوا يتدربون تحت إشراف ضباط سوفيت .
2. .عقد الكونفرانس: عقد في باكو في 19/1/1948 كونفرانسا كورديا حضره معظم اللاجئين الكورد من العراق وإيران وألقى سيادة البارزاني خطابا قوميا و سياسيا هاما وفي هذا الاجتماع الموسع تم إنتخاب قيادة سياسية للحركة التحررية الكوردية بزعامة المناضل البارزانى الخالد .
3. البث باللغة الكوردية : خصص فترة في إذاعة باكو للبث باللغة الكوردية لتوعية الشعب الكوردي ضد الاستعمار والرجعية المحلية .
4. تقرر إصدار جريدة باللغة الكوردية .
المطلب الإيراني :
التطورات السابقة والتي ذكرناها آنفا في الحقيقة إنها رفعت من معنويات الكورد عموما واللاجئين بخاصة و نغمت فيهم روح التضحية والفداء هذا من طرف و من طرف أخر فإنها زادت من مخاوف أعداء الشعب الكوردي و خاصة حكومة إيران الفارسية فطلبت بكل و وقاحة من القيادة السوفيتية تسليم البارزاني ورفاقه إياها إلا أن المطلب الإيراني جوبه بالرفض القاطع .
البارزاني ورفاقه في أوزباكستان:
بسبب موقف (باقروف) وتخلصا من شره قدم البارزاني طلبا بنقلهم إلى جمهورية اُخرى وتقرر نقلهم إلى جمهورية اُوزباكستان السوفيتية فسكن البارزاني في طاشقند و خصص له دار سكن لائق ومعلم يعلمه اللغة الروسية أما رفاقه فقد سكنوا في معسكر قرب طاشقند و هنالك قابل سيادته السادة المسوؤلين فوعدوه بالدعم والمساعدة .
المعـــاناة والعـــــذاب :
بقي باقروف يكيد للبارزاني ورفاقه الكائد وهم بعيدون عنه حيث وصل جنرال روسي إلى طاشقند يوم 19/3/1949 فاخذ البارزاني ومعه آخرين بطائرة خاصة إلى مدينة جمباي ، اما رفاقه فقد وزعوا عنوة على عدة مناطق ، و بذالك شتت شملهم وانقطع الاتصال فيما بينهم و كما انقطعت أخبارهم عن العالم الخارجي ، فعانى هؤلاء الابطال العذاب فوق العذاب وهم في بلاد الغربة .
((البـــارزاني ومســـعاه في المــهجر ))
أما البارزاني فقد منع في منفاه من الاتصال بالمسوؤلين و برفاقه أيضا ورغم كل ذلك فان اليأس لم يدخل في نفسه و قلبه الجريء ولم يفقد الإيمان بقدرة الله فقد ظل يرسل المذكرات والرسائل للقيادة السوفيتية دون جدوى ألا انه و ذات مرة بعث برسالة باليد مع احد الأشخاص الذاهبين الى موسكو العاصمة وطلب منه أن يدعها في البريد وهي طبعا موجهه الى القيادة السوفيتية في قصر الكرملين ولحسن الحظ فان الرسالة وصلت هنالك وتم دراستها ومن ثم تشكيل لجنة لتفقد الحقائق وقد باشره ,اللجنة بعملها وزارت كل البارزانيين و تبين لهم الحقيقة الساطعة فعادت و بعدها قررت القيادة السوفيتية جمع شمل البارزانيين والاهتمام بهم ورفع الغبن عنهم .
جمــــــــع الشــــــمل :
في أيلول عام 1951 نقل البارزاني الى طاشقند وخصص له دار وسكن لائق به وجمع شمل رفاقه الأبطال في مدينة قرب طاشقند و هنالك وفر لهم الدولة كل أسباب وسائل العيش الكريم وتحسن أحوالهم كثيرا وتحولت فترة العذاب والاحتجاج والإضراب الى ذكريات خالدة و قصص حلوة يرونها لأولادهم و فيما بينهم .
البـــارزاني يزور موســـــــــكو:
ظل البارزاني يحلم بزيارة موسكو والالتقاء بالزعماء والقادة السوفييت لطرح قضية الشعب الكردي العادلة عليهم لكسب ودهم ومساندتهم لها . بعد وفاة ستالين الذي حكم روسيا بالحديد والنار وتقليل دور البوليس اعتزم سيادة البارزاني زيارة موسكو فوصل هنالك وتوجه رأسا وبجرأة كوردية معروفة نحو قصر الكرملين حيث مقر القادة والزعماء السوفييت فدخل الاستعلامات وحال دخوله كشف فورا عن هويته قائلا ((إنا الملا مصطفى البارزاني جئت لأعرف قضية شعب مظلوم على شعب و حزب
لينين ))
1946 إعلان جمهورية كوردستان في مهاباد
جمهورية مهاباد تأسست في أقصى شمال غرب إيران حول مدينة مهاباد التي كانت عاصمتها، وكانت دُويلة قصيرة مدعومة سوفييتياً كجمهورية كردية أُنشأت سنة 1946 ولم تدم أكثر من 11 شهراً.
فعلياً، ظهر هذا الكيان كنتيجة للأزمة الإيرانية الناشئة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، فبالرغم من أن إيران أعلنت الحياد أثناء الحرب العالمية الثانية إلَّا أن قوات الاتحاد السوفيتي توغلت في جزء من الأراضي الإيرانية وكان مبرر جوزيف ستالين لهذا التوغل هو أن شاه إيران رضا بهلوي كان متعاطفاً مع أدولف هتلر. ونتيجة لهذا التوغل، هرب رضا بهلوي إلى المنفى وتم تنصيب ابنه محمد رضا بهلوي في مكانه، ولكن الجيش السوفييتي استمر بالتوغل بعد أن كان يسيطر على بعض المناطق شمال إيران، وكان ستالين يطمح إلى توسيع نفوذ الاتحاد السوفييتي بصورة غير مباشرة عن طريق إقامة كيانات موالية له .
استغل بعض الأكراد في إيران هذه الفرصة وقام قاضي محمد مع مصطفى البارزاني بإعلان جمهورية مهاباد في 22 يناير 1946 ولكن الضغط الذي مارسه الشاه على الولايات المتحدة التي ضغطت بدورها على الاتحاد السوفيتي كان كفيلاً بانسحاب القوات السوفيتية من الأراضي الإيرانية وقامت الحكومة الإيرانية بإسقاط جمهورية مهاباد بعد 11 شهراً من إعلانها وتم إعدام قاضي محمد في 31 مارس 1947 في ساحة عامة في مدينة مهاباد انسحب مصطفى البارزاني مع مجموعة من مقاتليه من المنطقة.
1979 الكفاح المسلح بقيادة الدكتور عبد الرحمن قاسملو ضد النظام الملالي في ايران
لقد تم أغتيال الدكتور عبد الرحمن قاسملو رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بمدينة فينا عاصمة النمسا في 13 تموز 1989 مع اثنين من رفاقه على ايدي عناصر من المخابرات الأيرانية وكانت الأوامر قد صدرت مباشرة من المدعو هاشمي أحمد رفسنجاني وكان أحد المتورطين في العمل الدنئ هو الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والذي تمتلك حكومة النمسا كل الأدلة الجنائية والثبوتية بتورط هذا الشخص بهذه الجريمة.
لقد تم استدراج الدكتور عبد الرحمن قاسملو لأجراء مفاوضات مع الجانب الأيراني ولكن يد الغدر الأثمة والأغتيال السياسي هي اللغة الوحيدة التي يفهمها من تستر خلف راية الدين فكان ان تم اغتيال الدكتور قاسملو مع اثنين من رفاقة
ان هذه الجريمة الشنيعة لم تلق الترحيب ولا القبول في جميع الأوساط السياسية الشريفة وان اجراءات المسؤولين في النمسا لم تكن فعالة بل كان يشم منها رائحة التواطؤ بسبب المصالح الضيقة لتلك الدولة مع إيران وهذا السيناريو واقصد التواطؤ مع الدولة الراعية للأرهاب تكرر حدوثه في لبنان عند اغتيال طالب السهيل المناضل العراقي حيث تم الأفراج عن قتلته بعد سنتين فقط من وقت الجريمة ومن دون ملاحقة قانونية جادة ارضاء لنظام صدام والضغوط التي كان يمارسها على الدول من الناحية الأقتصادية والتجارية في سبيل تلبية طموحاته في القتل والأغتيال للشخصيات المعارضة
ومن بعد جريمة اغتيال قاسملو ورفيقيه تم اغتيال المناضل صادق شرفكندي في برلين في 17 أيلول 1992 على ايدي عناصر المخابرات الإيرانية، الذين استطاعوا الهروب والاختفاء دون أن يتعرضو للملاحقة من قبل الأجهزة المختصة في ألمانيا ، لم يتم اتخاذ اي اجراءات ذات مغزى باستثناء الصخب الأعلامي والتنديد الخجول ضد عناصر الجريمة وتم اقفال الملف الجنائي بعد ذلك من دون معرفة الجناة أو ملاحقتهم بشكل جاد ومؤثر وفعال ونستنتج من ذلك كله وجود ايادي قوية ومؤثرة واطراف حكومية إيرانية تقف بقوة وراء هذه اللعبة القذرة واقصد بها لعبة اغتيال السياسين المعارضين لرموزهم الحاكمة ومن قيادات الجهل والتخلف والتعصب والمتشددين من الأيرانيين
لقد نشرت مجلة دراسات كردية في عددها المرقم 8 الصادر في باريس سنة 1993 وفي صفحة 49 تصريحا لأبنة الزعيم الكردي هيلين قاسملو قالت فيه " لا زالت الحكومة النمساوية تماطل في احقاق العدالة فيما يخص هذه القضية. وهل معنى ذلك ان الشعب الكردي حتى في بلد ديمقراطي وفي قلب أوروبا لايمكن ان يطمح في احقاق حقوقه "
واليوم وبعد مرور سنوات عديدة على رحيل الزعيم الكردي المناضل قاسملو تتذكر الحكومة النمساوية الحدث وتؤكد على تورط المدعو محمود أحمدي نجاد في جريمة القتل ويظهر ملف القتلة من جديد ليس حبا في قاسملو ولكن لأن القاتل هو رئيس جمهورية إيران.
1984 النضال المسلح لحزب العمال الكردستاني بقيادة عبدالله اوجلان
حزب العمال الكردستاني (PKK، بالكردية: پارتی كرێكارانی كوردستان أو partiya karkerên Kurdistan) جماعة مسلحة كردية يسارية نشأت في السبعينات في منطقة ذات غالبية كردية في جنوب شرق تركيا كحركة انفصالية بمزيج فكري بين القومية الكردية والثورية الاشتراكية تسعى لإقامة دولة "كردستان" كردية ماركسية لينينية، وفي مطلع الثمانينيات دخلت بشكل صريح في صراع مسلح مع الدولة التركية بغية نيل حقوق ثقافية وسياسية وتقرير المصير لأكراد تركيا.[1] استمرت المواجهة حتى نهاية التسعينات، حيث قبضت تركيا على زعيم الحزب عبدالله أوجلان وسجنته ودخل الحزب مرحلة جديدة من التنظيم.
بدأ الحزب نشاطه العسكري عام 1984، واتخذ مقاتلوه من كردستان العراق منطقة لحماية قواعدهم الخلفية، كما أقاموا تحالفا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي بزعامة مسعود برزاني.
شهد عقدا الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين أكثر فترات الصراع الدموي بين الأكراد والجيش التركي خصوصاً بعد الاضطرابات التي شهدتها تركيا في يوليو 1980، والتي اضطرت بالمواطنين الأكراد للهروب إلى الدول الأخرى. وانضم الأكراد الذين لجؤوا إلى سوريا إلى مخيمات اللجوء الفلسطينية. وشرع الذين لجؤوا إلى أوروبا بشرح القضية الكردية في الجامعات ومنظمات المجتمع المدني. في حين ظلّ الأكراد المتبقّون في تركيا في سجون ديار بكر العسكرية. وقبل فترة قصيرة من أحداث 12 سبتمبر استقرّ أوجلان في دمشق وبدأ بإدارة تنظيمه من هناك.
عُقِد مؤتمر حزب العمال الكردستاني الأول في سوريا في الفترة 15-25 يوليو 1981، وحضر المؤتمر حوالي 60 عضواً من أعضاء التنظيم. وبناءًا على طلب الرئيس السوري في ذلك الحين حافظ الأسد، خرج الحزب من سوريا واستقرّ في شمال العراق.
بعد المؤتمر الثاني لحزب العمال الكردستاني بسوريا في عام 1984، بدأ التنظيم بالتجهيز لشن عملية مسلحة ضدّ أهداف عسكرية، خاصة في مدن هكاري وماردين وسيرت، لتكون أولى عملياته المسلحة في هكاري.
استمرت العمليات المسلحة التي شنها الحزب، وبعد انتهاء مؤتمره الثالث زادت هجماته على المباني الحكومية والمؤسسات العامة إلى جانب الأهداف العسكرية. وأعلنت الحكومة التركية حالة الطوارئ في عام 1987. وخلال هذه الفترة، قام التنظيم بتنفيذ اقتحامات في عدد من القرى في شرق تركيا بدعم من حكومات سوريا ولبنان وشمال العراق واليونان وروسيا.
تلقى الحزب ضربة قاضية عام 1999 باعتقال زعيمه عبد الله أوجلان، وسجنه في تركيا بتهمة الخيانة.
طلب أوجلان عام 2013 بوقف إطلاق النار وحث الحزب على الانسحاب من المناطق التركية، في اعلان وصفه "بالتاريخي"، لكن وقف اطلاق النار انتهى عام 2015 عندما شنت تركيا غارات جوية ضد معسكرات حزب العمال شمالي العراق.
تذهب بعض الإحصاءات إلى أن مجموع من قتلهم المسلحون الأكراد يبلغ أربعين ألف شخص. ولم تقتصر عمليات مسلحي حزب العمال العسكرية على الجيش التركي بل شملت مدنيين أتراك وأكراد، خصوصا من المتعاونين مع الحكومة التركية، كما شملت بعض السائحين الأجانب. وقد وجهوا ضرباتهم لبعض المصالح التركية في البلدان الغربية. في المقابل يتهم الحزب الجيش التركي بتدمير آلاف القرى الكردية وتهجير العديد من الأسر إلى تركيا.
12 آذار 2004 انتفاضة الكورد في كوردستان سوريا (من قامشلو حتى دمشق)

أحداث القامشلي 2004: وقعت هذه الأحداث بتاريخ 12 مارس/آذار عام 2004 م في مدينة القامشلي السوريّة (أقصى شمال شرق سوريا) إثر مباراة كرة قدم بين فريق المدينة نفسها (الجهاد) وفريق المحافظة المجاورة دير الزور (الفتوة)حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين الأكراد وبعض العشائر العربية سرعان ما تدخلت فيها قوات الأمن السوريّة، ثم امتدت الاضطرابات إلى بقية المدن التي فيها أكراد واستمرت 6 أيام.
تعتبر هذه الأحداث من أسوأ الاضطرابات التي شهدتها مناطق شمال شرق سوريا في تلك الفترة، وكانت حصيلة المواجهات 40 قتيلا وفق مصادر كردية غير حكومية، و25 قتيلا وفق حصيلة رسمية سوريّة، ومئات الجرحى، ونحو 2000 معتقل كردي مع ادعاءات عن تعرضهم للتعذيب من قبل أجهزة الأمن السوري، وما رافقها من هجمة إعلامية موجهة.
لقامشلي هي أكبر مدينة في محافظة الحسكة، وتقع في شمال شرق سوريا. تعتبر العاصمة الكردية والآشورية. كما أنها مركز النضال الكردي السوري، خاصة في السنوات الأخيرة.
في عام 1962، قبل أكثر من أربعين عامًا، عندما قامت الحكومة السورية بإعداد إحصاء سكاني واستبعدت منه العديد من الكرد. ما خلّف عنه هو تركهم بدون جنسية والحق في الحصول على وظائف حكومية أو امتلاك عقارات. (؟) هذه الأقلية "الكردية" المتجاهلة الآن تتكون من مئات الآلاف من الكرد، الذين يحملون بطاقات هوية حمراء اللون "أجنبية" مدوّن عليها "مكتومي القيد". ومن بين الخطوات الأخرى التي اتخذتها الحكومة السورية والتي غذت التوترات، إعادة توطين العرب من مناطق أخرى من البلاد على طول الحدود في إيران والعراق وتركيا، تسمى الخطوة بالحزام العربي والتي عززت الكراهية بين الكرد والعرب.
بعد العنف الذي دام لأيام في المناطق ذات الاغلبية الكردية في 2004، زار بشار الأسد المنطقة ودعا إلى "الوحدة الوطنية". ومن خلال هذا، أعرب عن أمله في تهدئة الخواطر واطلاق سراح ما يقارب 312 كردي الذين اعتقلوا على خلفية خروج المظاهرات واعتصامات آنذاك.
في 12 مارس "اذار" 2004، أثارت مباراة كرة قدم في القامشلي بين نادي محلي كردي "الجهاد" ونادي "الفتوة" من دير الزور في جنوب شرق سوريا اشتباكات عنيفة بين مشجعي الأطراف المتنازعة التي امتدت إلى شوارع المدينة. وبحسب ما ورد ركب مشجعو الفريق العربي حول المدينة في حافلة، وأهانوا الزعيم الكردي مسعود بارزاني وجلال طالباني ورفعوا صور الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي ارتكب عدة مجازر بحق الكرد العراقيين في كل من "حملة الانفال" و "حلبجة" بحسب قولهم. وعلى الجانب الآخر رفعوا المشجعين الكرد "مشجعي نادي الجهاد" لافتات مكتوب عليها "سنضحي بحياتنا من أجل بوش"، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، الذي غزا العراق في عام 2003، وأودع صدام وأثار صراعاً دموياً استمر لسنوات وادت بحياة بمئات الآلاف. تصاعدت التوترات بين المجموعتين، مما أجبر قوات الأمن الحكومية لقمع أعمال الشغب، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص، بينهم ثلاثة أطفال - جميعهم من الكرد.
أحرق المتظاهرون الكرد المكتب المحلي لحزب البعث، مما أدى إلى رد فعل قوات الأمن وقتل أكثر من 15 كردياً من مثيري الشغب وإصابة أكثر من 100 شخص. وبلغت الأحداث ذروتها عندما قام الكرد في القامشلي بإسقاط تمثال حافظ الأسد. تدخل الجيش السوري بسرعة، ونشر الآلاف من القوات مدعومة بالدبابات وطائرات الهليكوبتر. قُتل ما لا يقل عن 30 كرديًا عندما استعادت أجهزة الأمن السيطرة على المدينة، واعتقل أكثر من 2000 كردياً في ذلك الوقت. نتج ذلك عن تحرك الكرد في باقي المدن والمناطق السورية إلى ان وصلت المظاهرات الكردية إلى العاصمة السورية دمشق، حيث تظاهر واعتصم الكرد السوريون المقيمون في دمشق رداً على حملات الاعتقالات التي شنتها قوات الامن السوري مما أدى إلى اعتقال المزيد من الكرد في دمشق، اغلبهم طلبة وجامعيين.